مشروع إنتاج حامض الفسفوريك بهضبة أبوطرطور.. خطوة استراتيجية نحو الاكتفاء الصناعي في مصر
في خطوة استراتيجية تعكس رؤية مصر لتعظيم الاستفادة من ثرواتها الطبيعية، أطلقت الحكومة المصرية المشروع المجمع الصناعي لإنتاج حامض الفسفوريك بهضبة أبوطرطور في محافظة الوادي الجديد، وهو المشروع الذي يُعد أحد أبرز المبادرات الصناعية التي تهدف إلى تحويل المواد الخام المحلية إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية، بما يدعم الاقتصاد الوطني ويخلق فرص عمل جديدة.
وحامض الفسفوريك يعتبر من المواد الأساسية في الصناعات الزراعية والكيميائية، ويُستخدم بشكل رئيسي في إنتاج الأسمدة الفوسفاتية عالية الجودة، إضافة إلى عدد من التطبيقات الصناعية التي تساهم في تعزيز القيمة الاقتصادية للثروات الطبيعية لمصر، ويأتي هذا المشروع ضمن خطة الدولة لتعظيم العائد الاقتصادي من الموارد الوطنية وتوسيع قاعدة الإنتاج الصناعي المحلي، بما يضع مصر على خريطة الصناعة الإقليمية والدولية.
موقع استراتيجي وإنتاج عالي الجودة
يقع المشروع في هضبة أبوطرطور بمحافظة الوادي الجديد، منطقة غنية بخامات الفوسفات، ما يتيح الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية المحلية وتقليل التكاليف اللوجستية المرتبطة بنقل المواد الخام، ويستهدف المشروع إنتاج 250 ألف طن سنويًا من حامض الفسفوريك التجاري عالي التركيز في مرحلته الأولى، مع إمكانية التوسع مستقبلاً لتلبية الطلب المتزايد على الأسمدة والمنتجات الكيميائية محليًا وإقليميًا.
تكلفة ضخمة وفرص اقتصادية واعدة
يبلغ إجمالي تكلفة المشروع 658 مليون دولار، ما يعكس الأهمية الاستراتيجية التي تمنحها الدولة لمشاريع التصنيع القائم على الموارد المحلية، ومن المتوقع أن يوفر المشروع مئات فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، سواء في مراحل البناء والتشغيل أو في الخدمات اللوجستية والدعم الفني، وهو ما يسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي ورفع مستوى الدخل في المناطق المحيطة بالمشروع.
وأكد المسؤولون في وزارة الصناعة والتجارة أن المشروع يعكس رؤية مصر في تعزيز القيمة المضافة للموارد الطبيعية، والاعتماد على التصنيع المحلي لتحويل المواد الخام إلى منتجات نهائية قابلة للتصدير، بما يساهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد ويزيد من تنافسية الصناعة المصرية على المستوى الإقليمي والدولي.
أهمية المشروع للصناعات الزراعية والكيميائية
حامض الفسفوريك هو عنصر أساسي في صناعة الأسمدة الفوسفاتية، والتي تشكل جزءًا مهمًا من منظومة الأمن الغذائي الوطني، نظرًا لدورها في زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية وتحسين جودة الإنتاج، كما يتم استخدامه في عدد من الصناعات الكيميائية الأخرى، بما في ذلك الصناعات الغذائية، والمستحضرات الطبية، والمنتجات الكيماوية المتنوعة، ما يعزز من القيمة الاقتصادية للثروات الطبيعية ويضع مصر في موقع متقدم على خريطة الإنتاج الصناعي.
وأوضحت تصريحات المسؤولين أن المشروع المجمع لإنتاج حامض الفسفوريك يمثل خطوة نحو تحقيق التكامل الصناعي، حيث يجمع بين استخراج الفوسفات من المناجم وتحويله إلى منتجات نهائية عالية الجودة، وهو نموذج عملي لتطبيق مفهوم التصنيع المتكامل الذي يسعى إليه الاقتصاد المصري لتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية الوطنية.
دور المشروع في تعزيز التنمية المستدامة
يمثل المشروع جزءًا من استراتيجية الدولة لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، من خلال خلق فرص عمل وزيادة الإنتاج الصناعي، إضافة إلى دوره في دعم الصناعات الزراعية والكيميائية بما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي والصناعي، ويعكس المشروع أيضًا حرص الدولة على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في قطاع الصناعات التحويلية، وتعظيم القيمة المضافة من الموارد الطبيعية بدلًا من تصديرها كمادة خام دون تصنيع.
التكنولوجيا والاستثمار البشري
يتميز المشروع باستخدام أحدث التقنيات في معالجة خام الفوسفات وتحويله إلى حامض الفسفوريك عالي التركيز، مع تطبيق معايير الجودة والسلامة الدولية لضمان إنتاج منتجات مطابقة للمواصفات العالمية، كما يوفر المشروع برامج تدريبية متقدمة للعمالة المحلية، مما يرفع الكفاءة الإنتاجية ويعزز المهارات الفنية للعاملين في القطاع الصناعي.
وأكدت وزارة الصناعة أن المشروع سيصبح محركًا رئيسيًا للاستثمار في الوادي الجديد، حيث من المتوقع أن يجذب مجموعة من الشركات المرتبطة بالصناعات التحويلية والكيميائية، ما يعزز الاقتصاد المحلي ويوفر بيئة صناعية متكاملة تلبي احتياجات السوق المحلي والإقليمي.
استراتيجية الدولة لتعظيم القيمة المضافة للموارد الطبيعية
يأتي المشروع في إطار استراتيجية مصر لتعظيم العائد الاقتصادي من الموارد الطبيعية، وتحويلها إلى منتجات نهائية ذات قيمة عالية تساهم في دعم الاقتصاد الوطني. وتهدف الدولة من خلال هذه الاستراتيجية إلى رفع القدرة التنافسية للصناعة المحلية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض السلع الأساسية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، بما يدعم التوازن الاقتصادي ويعزز النمو المستدام.
وأوضح المسؤولون أن المشروع يمثل خطوة ملموسة نحو إنشاء مجمعات صناعية متكاملة تعتمد على الموارد الطبيعية في مصر، مثل الفوسفات والمعادن الأخرى، بهدف تحقيق التكامل بين مراحل الاستخراج، والمعالجة، والتصنيع، والتسويق، لتصبح مصر مركزًا إقليميًا للإنتاج الصناعي والتصدير.
المردود الاقتصادي والاجتماعي للمشروع
يتوقع أن يسهم المشروع بشكل مباشر في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الصناعي، كما سيخلق فرص عمل جديدة للشباب والمهنيين في المنطقة، بما يدعم الاقتصاد المحلي ويعزز التنمية المجتمعية، ومن خلال ضخ كميات كبيرة من المنتجات الصناعية، سيساعد المشروع أيضًا في تلبية احتياجات السوق المحلي من الأسمدة والمواد الكيميائية، بما يسهم في استقرار الأسعار وتحسين جودة الإنتاج الزراعي.
وأضافت تصريحات المسؤولين أن المشروع سيسهم في رفع مستوى التعاون بين القطاعين العام والخاص، من خلال الشراكات الصناعية والاستثمارية، ما يعزز من بيئة الأعمال في مصر ويزيد من جاذبية البلاد للمستثمرين المحليين والأجانب.
مصر على خريطة الإنتاج الصناعي الإقليمي
يضع المشروع المجمع لإنتاج حامض الفسفوريك مصر في موقع متقدم على خريطة الإنتاج الصناعي الإقليمي، ويعكس قدرة الدولة على إدارة مواردها الطبيعية بذكاء وتحويلها إلى منتجات صناعية عالية الجودة. كما يعكس المشروع التزام مصر بالتحول إلى اقتصاد قائم على القيمة المضافة، بدلاً من الاقتصار على تصدير المواد الخام، وهو توجه يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية في إدارة الموارد الطبيعية والصناعات التحويلية.
ويمثل المشروع المجمع لإنتاج حامض الفسفوريك في هضبة أبوطرطور نموذجًا حيًا لتطبيق استراتيجية الدولة في تعزيز التصنيع المحلي، وزيادة القيمة المضافة للموارد الطبيعية، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، مع التركيز على خلق فرص العمل، وتحقيق الأمن الغذائي والصناعي، وتعزيز التنافسية الإقليمية والدولية، فإن هذا المشروع يؤكد رؤية مصر الطموحة نحو اقتصاد متوازن ومستدام، قادر على مواجهة التحديات العالمية وتحقيق رفاهية المواطن المصري.