موعد المراجعة الخامسة والسادسة لصندوق النقد مع مصر.. ما المنتظر منها؟
في خطوة حاسمة نحو تعزيز الإصلاحات الاقتصادية في مصر، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن وصول بعثة من صندوق النقد الدولي إلى القاهرة أول ديسمبر المقبل، لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة مجتمعتين لبرنامج الدعم الاقتصادي الذي يبلغ قيمته 8 مليارات دولار.
وهذه المراجعات، التي تأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد المصري علامات أولية للاستقرار، تثير تساؤلات حول ما يمكن توقعه منها، خاصة مع اقتراب نهاية البرنامج في سبتمبر 2026.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض ما المنتظر من المراجعات القادمة من صندوق النقد الدولي مع الحكومة المصرية.
برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي
وبدأ البرنامج في مارس 2022، كاستجابة للأزمات الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا، الحرب في أوكرانيا، وارتفاع أسعار الطاقة العالمية، بهدف تعزيز الاستقرار المالي ودعم النمو المستدام.
ويركز البرنامج على أربعة محاور رئيسية: تحرير سعر الصرف، تقليل الدين العام، تعزيز الإيرادات غير النفطية، ودعم القطاع الخاص.
وحتى الآن، أكملت مصر أربع مراجعات ناجحة، مع صرف حوالي 5.6 مليار دولار، مما ساهم في تحقيق نمو اقتصادي بلغ 4.4% في السنة المالية 2024/2025، مقارنة بـ2.4% في العام السابق.
ومع ذلك، واجهت المراجعة الخامسة تأخيرات بسبب بطء تنفيذ بعض الإصلاحات الهيكلية، مثل تقليل دور الدولة في الاقتصاد وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وفي يوليو 2025، قرر الصندوق دمجها مع المراجعة السادسة لتسريع العملية، كما أكدت جولي كوزاك، مديرة إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الصندوق.
وهذا الدمج يعكس ثقة متزايدة في الالتزام المصري، لكنه يضع ضغوطًا إضافية على الحكومة لإثبات التقدم في غضون أسابيع قليلة.
موعد المراجعة الخامسة والسادسة
وستستمر بعثة الصندوق في مصر من 1 إلى 12 ديسمبر 2025، حيث سيقيم الفريق الأداء الاقتصادي، السياسات المالية، والإصلاحات الهيكلية.
ووفقًا لإعلان رئيس الوزراء، ستركز الزيارة على مراجعة مؤشرات النمو، التضخم، والدين العام، مع التركيز على الالتزام بالأهداف المالية.
وبعد الانتهاء، سيتم إرسال التقرير إلى مجلس إدارة الصندوق للموافقة النهائية، متوقعًا في يناير 2026، مما يفتح الباب لصرف شريحة جديدة من الدعم.
وهذا الموعد يأتي بعد تأجيلات سابقة، حيث كانت الحكومة تتوقع إنهاء المراجعة المجمعة بحلول أكتوبر 2025، لكن التحديات الإقليمية والعالمية أدت إلى الدفع لديسمبر.

ماذا ننتظر من المراجعتين الخامسة والسادسة؟
ومن المتوقع أن تؤكد المراجعات على التقدم في خفض الدين العام إلى 60% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية 2025، مقارنة بمستويات أعلى في السنوات السابقة.
كما يتوقع صرف 2.4 مليار دولار إضافية، مما يعزز الاحتياطيات الأجنبية ويخفف الضغط على الجنيه المصري.
وفيما يتعلق بالنمو، يرفع الصندوق توقعاته للسنة المالية الحالية إلى 3.8%، مع إمكانية الوصول إلى 4.5% إذا نجحت الإصلاحات في جذب الاستثمارات الأجنبية.
ومن الناحية الإيجابية، تشير التقارير إلى أن تحرير سعر الصرف في 2024 ساهم في ارتداد النمو، مع تركيز متزايد على الإيرادات غير النفطية مثل السياحة والصادرات.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من مخاطر التضخم، الذي قد يرتفع مؤقتًا بسبب تعديلات الدعم، بالإضافة إلى التحديات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
كما أن البرنامج يتطلب تسريع خصخصة الشركات الحكومية، وهو ما تعمل عليه الحكومة حاليًا.
التأثيرات المحتملة على الاقتصاد المصري والمواطن
ونجاح هاتين المراجعتين سيفتح أبوابًا لقروض إضافية أو تمديد البرنامج، مما يدعم مشاريع البنية التحتية مثل العاصمة الإدارية الجديدة والقطاع الطاقي.
وعلى صعيد المواطن، يتوقع استقرار أسعار السلع الأساسية إذا نجحت الحكومة في تعويض التأثيرات السلبية لرفع الدعم عبر برامج دعم اجتماعي.
وفقًا لتقرير "ستاندرد آند بورز"، تم ترقية تصنيف مصر إلى "B" في أكتوبر 2025، مما يعكس ثقة المستثمرين في الإصلاحات.
ومع ذلك، يشير محللون إلى أن التأخر في تنفيذ الإصلاحات قد يؤدي إلى تأجيل الصرف، مما يزيد الضغط على الميزانية.
وفي سياق عالمي، يأتي هذا في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي تباطؤًا، مما يجعل الالتزام بالبرنامج أكثر أهمية.
ومع اقتراب ديسمبر، تمثل المراجعتا الخامسة والسادسة فرصة ذهبية لمصر لتعزيز مسارها نحو الاستقرار الاقتصادي، ونجاحها ليس مجرد صرف مالي، بل تأكيد على قدرة الحكومة على الإصلاح، مما قد يجذب استثمارات أجنبية تصل إلى عشرات المليارات.