الزراعة عصب الاقتصادي المصري.. أرقام غير مسبوقة تجنيها مصر من القطاع
في ظل التحديات العالمية المتزايدة مثل تغير المناخ والتوترات الجيوسياسية، يبرز القطاع الزراعي في مصر كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي والأمن الغذائي.
ومع اقتراب نهاية عام 2025، تشهد مصر طفرة غير مسبوقة في هذا القطاع، مدعومة بمبادرات حكومية طموحة واستثمارات استراتيجية.
ووفقاً لتقارير حديثة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ووزارة الزراعة، بلغ صافي قيمة الدخل الزراعي 1.416 تريليون جنيه مصري في العام المالي 2023/2024، بزيادة 30.2% عن العام السابق، مما يعكس قفزة نوعية في الإنتاجية.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التطورات الأخيرة بالأرقام، والإنجازات والمكاسب الاقتصادية حتى نهاية 2025.
أرقام تتجاوز التوقعات
وشهد الإنتاج الزراعي في مصر ارتفاعاً مذهلاً، حيث بلغت قيمته الإجمالية 2.3 تريليون جنيه في 2023/2024، مقابل 1.79 تريليون جنيه في العام السابق، بنسبة زيادة 28.1%.
ويتوقع خبراء من منظمة الأغذية والزراعة (FAO) ومعهد موردر إنتليجنس أن يصل حجم السوق الزراعي إلى 5.37 مليار دولار أمريكي بنهاية 2025، مع معدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 3.2% حتى 2030.
وهذا النمو مدفوع بتوسع الرقعة الزراعية إلى نحو 9.7 مليون فدان، مع خطط لاستصلاح مليوني فدان إضافي بحلول نهاية 2025، مما يعادل حجم أربع محافظات مصرية.
ويسيطر الإنتاج النباتي على 56.91% من الإجمالي، تليه الثروة الحيوانية بنسبة 35.8%، والإنتاج السمكي بـ7.27%، بينما يمثل المنتجات الحشرية 0.02% فقط.
وفي الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، ساهم القطاع الزراعي بنسبة 13.71% من الناتج المحلي الإجمالي (GDP)، ارتفاعاً من 10.6% في 2023، وفقاً لبيانات البنك الدولي وستاتيستا.
وهذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، إنها دليل على تحول مصر من مستهلك كبير للمنتجات الزراعية إلى منتج تنافسي عالمياً.
طفرة تصديرية تتجاوز 8 ملايين طن
وأحد أبرز مكاسب الطفرة الزراعية هو الارتفاع الدراماتيكي في الصادرات، التي تجاوزت 8.6 مليون طن في 2024، بزيادة 11% عن العام السابق، ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 20% في 2025 لتصل إلى نحو 10.3 مليون طن.
وفي الربع الأول من 2024 وحده، بلغت قيمة الصادرات 1.5 مليار دولار، ارتفاعاً بـ300 مليون دولار عن 2023، مع تصدير الموالح بنحو 2.4 مليون طن، والبطاطس بـ1.3 مليون طن، والبصل بربع مليون طن.

وهذه الصادرات تغطي أكثر من 160 سوقاً عالمياً، بما في ذلك أوروبا والخليج وأفريقيا، وتساهم بنسبة 17% من إجمالي الصادرات السلعية المصرية.
وفي 2025، شهدت صادرات الفراولة المجمدة والمانجو طفرة، مع توقعات بتصدير 68 ألف طن من المانجو وحدها.
وهذا الارتفاع يعزز احتياطيات النقد الأجنبي ويقلل الاعتماد على الواردات، خاصة مع انخفاض واردات الأرز إلى 185 ألف طن في 2025/2026.
محرك الطفرة الزراعية
وتلعب الاستثمارات دوراً محورياً في هذه الطفرة، حيث خصصت الحكومة 534 مليار جنيه للقطاع الزراعي والري خلال الخطة المتوسطة المدى (2023-2027)، مع 116.6 مليار جنيه لعام 2023/2024 وحده، بنسبة 7% من الاستثمارات الكلية.
ويسيطر القطاع الخاص على 44% من هذه الاستثمارات، مدعوماً ببرامج مثل "حياة كريمة" ومبادرة تطوير الري في 4.7 مليون فدان.
ومن أبرز المشروعات القومية: الريف المصري الجديد، الدلتا الجديدة، ومشروع "مستقبل مصر"، الذي يهدف إلى استصلاح 4.5 مليون فدان بحلول 2027.
كما قدمت وزارة الزراعة 9.2 مليار جنيه لدعم مزارعي المواشي الصغار في مايو 2025، مما أفاد 437 ألف شخص.
وبالإضافة إلى ذلك، استنبطت 60 صنفاً وهجيناً جديداً للمحاصيل الأساسية مثل القمح والذرة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، مما رفع تغطية التقاوي المحلية إلى 100% للقمح.
الفرص في القطاع الزراعي المصري 2025
ورغم الإنجازات، يواجه القطاع تحديات مثل ندرة المياه، حيث يستهلك 80-85% من الموارد المائية، وارتفاع تكاليف الاستصلاح.
ومع ذلك، تفتح الفرص أبواباً واسعة، خاصة في الزراعة المستدامة والنباتات الطبية مثل النعناع والكمون، التي تحقق عوائد تصل إلى 60 ألف جنيه للفدان سنوياً.
كما يتوقع تقرير IMARC أن يصل حجم السوق إلى 85.5 مليار دولار بحلول 2033، بنمو 7.1% سنوياً.
مستقبل أخضر للاقتصاد المصري
وتجني مصر من طفرة قطاعها الزراعي مكاسب هائلة، مع دخل صافي يتجاوز 1.4 تريليون جنيه، وصادرات قياسية بـ8.6 مليون طن، ومساهمة 13.71% في الناتج المحلي.
وهذه الأرقام ليست نهاية الطريق، بل بداية لعصر ذهبي يعتمد على الابتكار والاستدامة، ومع استمرار الدعم الحكومي، يمكن لمصر أن تصبح قوة زراعية إقليمية، مضمونة الأمن الغذائي ومحققة نمواً اقتصادياً مستداماً.