مصر تعيد صياغة المستقبل البحري.. طفرة صناعة السفن تقود مصر للعالمية

تشهد مصر طفرة غير مسبوقة في صناعة السفن، حيث تسعى الدولة لتوطين هذه الصناعة الاستراتيجية وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للنقل البحري واللوجستيات.
,تأتي هذه الطفرة في إطار رؤية مصر 2030، التي تهدف إلى تطوير الأسطول التجاري المصري وتعزيز قدرات الترسانات البحرية، مما يدعم الاقتصاد الوطني ويقلل الاعتماد على الواردات.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض أبرز التطورات الحديثة في صناعة السفن المصرية، مع التركيز على المبادرات الحكومية، الشراكات الدولية، والتحديات التي تواجه القطاع.
رؤية استراتيجية لتطوير صناعة السفن
وتتبنى مصر خطة طموحة لتطوير صناعة السفن، بدعم مباشر من القيادة السياسية، حيث وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوطين الصناعات الثقيلة، بما في ذلك بناء وإصلاح السفن، بهدف استعادة قوة الأسطول التجاري المصري وجعل مصر مركزًا عالميًا للتجارة واللوجستيات.
وفي هذا السياق، أعلن الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة والنقل، عن خطة شاملة لتصنيع السفن التجارية بالتعاون مع شركات عالمية مثل "ديسون" الكورية الجنوبية، مع تطوير ترسانات بحرية مثل ترسانة السويس وميناء بورتوفيق.
وتهدف الخطة إلى زيادة عدد السفن التجارية في الأسطول المصري إلى 36 سفينة بحلول عام 2030، بطاقة نقل تصل إلى 25 مليون طن سنويًا، مقارنة بـ20 سفينة حاليًا.
وتشمل هذه السفن أنواعًا متنوعة مثل سفن الرورو، سفن البضائع العامة، وسفن الصب الجاف النظيف، مما يعزز قدرة مصر على نقل البضائع الاستراتيجية مثل القمح والبترول.

إنجازات ملموسة في تطوير الأسطول
وشهدت السنوات الأخيرة إنجازات بارزة في تطوير الأسطول التجاري المصري. فقد أدخلت شركة الملاحة الوطنية، إحدى الشركات التابعة لوزارة النقل، سفنًا جديدة بحمولة 82 ألف طن، ليصل إجمالي أسطولها إلى 14 سفينة بطاقة نقل تصل إلى 10 ملايين طن سنويًا.
ومن بين هذه السفن، "وادي الملكات" و"وادي الملوك"، التي رفع الرئيس السيسي العلم المصري عليها في يونيو 2023، بالإضافة إلى "وادي العريش".
كما وقعت الشركة عقدًا مع ترسانة "هانتونج" الصينية لبناء سفينتين من طراز KAMSARMAX، بسعة 82 ألف طن لكل سفينة، ومن المقرر تسليمهما في عام 2028.
وعلى صعيد الترسانات، تبرز ترسانة الإسكندرية كأكبر ترسانة في مصر وإفريقيا، حيث أنهت مؤخرًا بناء سفينتي "الحرية 1" و"الحرية 2"، بالإضافة إلى تصنيع أكبر سفينة دحرجة (Ro-Ro) في تاريخها.
كما دشنت الترسانة القاطرة "إسماعيلية 1" بقوة شد 190 طنًا، وهي الأكبر في تاريخ هيئة قناة السويس.
شراكات دولية وتوطين الصناعة
وتعتمد مصر على الشراكات الدولية لنقل التكنولوجيا وتعزيز القدرات المحلية. بالإضافة إلى التعاون مع كوريا الجنوبية والصين، تشارك مصر مع شركات أوروبية مثل "نافال جروب" الفرنسية و"Tkms" الألمانية في بناء سفن حربية متقدمة، مثل الفرقاطة "سجم الجبار".
كما أسست شركة Egypt Yachts بالتعاون مع ترسانة جنوب البحر الأحمر لتصنيع اليخوت، حيث تم تسليم يختين، "نصر" و"إرادة"، لتعزيز سياحة اليخوت.
ولتقليل الاعتماد على الواردات، تخطط مصر لإنشاء مصنع لألواح الصلب لخدمة صناعة السفن، مما سيوفر التكاليف ويعزز الاكتفاء الذاتي.
كما وقعت الحكومة عقدًا في ديسمبر 2024 لإنشاء أول مشروع لتخريد السفن في ميناء دمياط، بالشراكة مع شركة الوحدة للتنمية الصناعية، لإدارة تخريد وبناء السفن بطول يصل إلى 400 متر.
ويسهم موقع مصر الاستراتيجي على قناة السويس في جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز خدمات الصيانة والإصلاح للسفن العابرة.
كما تدعم الحكومة القطاع الخاص من خلال تقديم تسهيلات استثمارية وتطوير البنية التحتية، مثل مراين اليخوت في الإسماعيلية وبورسعيد.
مستقبل واعد
وتشهد صناعة السفن في مصر نهضة حقيقية، مدعومة برؤية استراتيجية وشراكات دولية، ومع استمرار الاستثمارات في الترسانات البحرية وتطوير الأسطول التجاري، تتجه مصر نحو استعادة مكانتها كمركز إقليمي للصناعات البحرية.
ومن خلال توطين الصناعة وتعزيز القدرات المحلية، تستعد مصر للعب دور محوري في التجارة البحرية العالمية، محققةً طموحاتها الاقتصادية والاستراتيجية بحلول عام 2030.