عز والمصريين وبيشاي.. تعرف إيه عن ملوك صناعة الحديد في مصر

تنبض صناعة الحديد والصلب كركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، حاملة معها إرثًا بدأ منذ منتصف القرن العشرين، ومنذ تأسيس أول مصنع متكامل في حلوان عام 1954 بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر، تحولت هذه الصناعة إلى واحدة من أهم القطاعات الاستراتيجية التي تدعم مشروعات البنية التحتية والتنمية العمرانية.
واليوم تتصدر شركات مثل "حديد عز" و"حديد المصريين" المشهد الصناعي، لتصبح "ملوك الحديد" الذين يشكلون ملامح السوق المحلي ويوسعون نفوذ مصر في الأسواق الإقليمية والدولية.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض أبرز الأسماء التي تقود هذه الصناعة، ودورها في تعزيز الاقتصاد المصري، مع التركيز على التحديات والفرص التي تواجهها في ظل التحولات العالمية.
تاريخ الصناعة من الحلم إلى الواقع
وبدأت صناعة الحديد والصلب في مصر في الأربعينيات بجهود الشركات الخاصة التي استغلت مخلفات الحرب العالمية الثانية لإنتاج حديد التسليح، ولكن الطفرة الحقيقية جاءت في الخمسينيات مع إنشاء شركة الحديد والصلب المصرية في حلوان، التي كانت أول مجمع متكامل في الشرق الأوسط.
واعتمدت الشركة على خام الحديد من مناجم أسوان والواحات البحرية، لتصل الطاقة الإنتاجية في السبعينيات إلى 1.5 مليون طن سنويًا من الصلب المشكل.
ومع دخول القطاع الخاص في التسعينيات، بدأت أسماء مثل "حديد عز" في الظهور، لتغير قواعد اللعبة بفضل التكنولوجيا الحديثة والاستثمارات الضخمة.
عمالقة الحديد في مصر
ويتربع "حديد عز" على عرش صناعة الحديد في مصر، حيث يستحوذ على حوالي 42% من إجمالي الإنتاج المحلي، وفقًا لبيانات الاتحاد العربي للحديد والصلب.
وتأسست الشركة عام 1994، وتمتلك خطوط إنتاج متطورة تنتج الحديد المسلح والصلب المسطح، مع تصدير كميات كبيرة إلى الأسواق الخارجية، ورغم تسجيلها خسائر في السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، إلا أن رأسمالها الضخم يمنحها مرونة كبيرة لتحمل التحديات.

وبعدها تأتي حديد المصريين، التي تأسست عام 2010، وتعد واحدة من الشركات الرائدة بفضل استخدامها لتكنولوجيا حديثة مثل تقنية "الميدا" من شركة "دانييلي" الإيطالية، التي تتيح إنتاج حديد التسليح بكفاءة عالية وتقليل الانبعاثات.
وتمتلك الشركة أربعة مصانع في بورسعيد، والإسكندرية، وبني سويف، والعين السخنة، وتستهدف الاستحواذ على 20% من السوق المحلي، كما أنها تلتزم بمعايير الاستدامة البيئية، مما يعزز مكانتها كلاعب رئيسي في الصناعة.

السويس للصلب وبشاي تأتيان في القائمة، وهذه الشركات في صدارة المصانع المتكاملة، حيث تنتج من الخامات الاستخراجية إلى المنتج النهائي.
و"السويس للصلب" التابعة لجهاز الخدمة الوطنية تساهم بشكل كبير في تلبية احتياجات المشروعات القومية، بينما تشتهر "بشاي" بجودة منتجاتها وتنافسيتها في السوق.

فرص النمو
وعلى الرغم من التحديات، فإن صناعة الحديد في مصر تمتلك فرصًا واعدة، ففي عام 2021، أنتجت مصر 863 ألف طن من الصلب الخام في سبتمبر وحده، بزيادة 43.65% مقارنة بعام 2020، متجاوزة الدول العربية الأخرى.
كما ارتفعت الصادرات المصرية من الحديد بنسبة 20% بين 2016 و2019، لتصل إلى 1.2 مليون طن، مما يعكس تنافسية الصناعة عالميًا.
وطرح الحكومة لرخص جديدة لإنتاج مكورات الحديد والبليت في 2021 يعزز من فرص تعميق الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على الخامات المستوردة، إضافة إلى ذلك، فإن التوجه نحو استخدام الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الصديقة للبيئة يفتح آفاقًا للاستثمار ويتماشى مع المعايير العالمية لتقليل الانبعاثات الكربونية.
وصناعة الحديد والصلب في مصر ليست مجرد قطاع اقتصادي، بل هي قصة نجاح وطنية تعكس طموح الأمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي والتوسع عالميًا.
ومع قيادة شركات مثل "حديد عز" و"حديد المصريين"، ودعم الدولة من خلال سياسات الحماية والتطوير، تظل مصر في صدارة الدول المنتجة للصلب في المنطقة.