مصر تشعل شرارة ثورة الطاقة.. 20 شركة محلية لإحياء ثروات النفط المنسية

في قلب الصحراء المصرية وتحت مياه البحر المتوسط، تنبض ثروات نفطية تنتظر من يكتشف إمكاناتها الكامنة، وفي خطوة غير مسبوقة، تملك الحكومة المصرية خطة طموحة لجذب 20 شركة محلية لتطوير حقول النفط القديمة، في تحول استراتيجي يهدف إلى تقليل الاعتماد على الشركات الأجنبية وتعزيز الدور المحلي في قطاع الطاقة.
وهذه المبادرة ليست مجرد خطوة اقتصادية، بل رؤية وطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض تفاصيل هذه الخطة، وأهدافها، وتأثيرها المحتمل على الاقتصاد المصري.
إحياء الحقول المتقادمة
وتعمل وزارة البترول على خطة تهدف إلى إشراك 20 شركة محلية في تطوير الحقول النفطية المتقادمة، وهي الحقول التي بدأ إنتاجها يتراجع بسبب استنفاد الاحتياطيات التقليدية أو نقص الاستثمار في تقنيات الاستخراج الحديثة.
وتهدف هذه الخطة إلى زيادة الإنتاج النفطي بحلول عام 2026، مع التركيز على تعزيز الكفاءة التشغيلية والاستدامة البيئية.
كما تتضمن الخطة فتح المجال أمام الشركات المحلية للاستثمار المباشر في هذه الحقول، وهو ما يمثل تحولًا عن النهج التقليدي الذي اعتمد بشكل رئيسي على الشركات الأجنبية مثل "إيني" الإيطالية و"بي بي" البريطانية.
وفي هذا السياق، وقع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في العام الماضي أربع مذكرات تفاهم مع شركات محلية كبرى، منها "حديد عز"، "السويدي الصناعية"، "حسن علام-إنفينيتي"، و"أديس" السعودية التي تعمل جنبًا إلى جنب مع شركاء محليين.
تعزيز الإنتاج والاستقلالية
وتسعى مصر من خلال هذه الخطة إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، أولها زيادة الإنتاج النفطي والغازي لتلبية الطلب المحلي المتزايد، خاصة مع اعتماد البلاد على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء.
وتشير البيانات إلى أن تراجع إنتاج بعض الحقول الكبرى، مثل حقل ظهر الذي انخفض إنتاجه إلى 1.9 مليار قدم مكعب يوميًا في 2024 مقارنة بذروته عند 3 مليارات قدم مكعب، قد دفع الحكومة لاستيراد الغاز، وهذه الخطة تهدف إلى عكس هذا الاتجاه من خلال تحسين تقنيات الاستخراج في الحقول القديمة.

وثانيًا تهدف الخطة إلى تعزيز الاستقلالية الاقتصادية من خلال تمكين الشركات المحلية، مما يقلل من الاعتماد على الشركات الأجنبية ويوفر العملة الصعبة.
كما تسعى لخلق فرص عمل جديدة وتدريب الكوادر المحلية على أحدث تقنيات التنقيب والإنتاج، بما يدعم التنمية المستدامة.
وأخيرًا، تسعى مصر إلى استعادة مكانتها كمصدر للغاز الطبيعي، حيث تستهدف تحقيق 5 مليارات دولار من الصادرات سنويًا بحلول 2030.
مزايدات وشراكات
وتعتمد الخطة على آليات تنفيذ متعددة، أبرزها طرح مزايدات استثمارية عبر بوابة مصر للاستكشاف والإنتاج (EUG)، التي تتيح فرصًا للشركات المحلية والعالمية لتطوير الحقول.
وفي مارس 2025، أعلنت الوزارة عن طرح 13 منطقة استكشافية، تشمل 7 حقول في البحر المتوسط و6 مناطق في خليج السويس والصحراء الغربية، مع إغلاق المزايدة في مايو 2025.
وقد جذبت هذه المزايدات استثمارات تتجاوز 700 مليون دولار، مع توقعات بتضاعف هذا الرقم في حال تحقيق اكتشافات تجارية.
كما تعمل الحكومة على تحسين البنية التحتية اللوجستية ورقمنة الموافقات لتسهيل العمليات، وتشمل الخطة تطبيق نماذج اقتصادية مرنة في عقود تقاسم الإنتاج، مما يضمن استقرارًا ماليًا للشركات المستثمرة دون تحميل الميزانية العامة أعباء إضافية.
والتوقعات إيجابية، حيث تظهر الاكتشافات الأخيرة، مثل حقل الفيوم 5 وبئر نفرتاري-1، إمكانات واعدة لزيادة الاحتياطيات، ومع استمرار التعاون مع شركات عالمية مثل "إكسون موبيل" و"بي بي"، إلى جانب تمكين الشركات المحلية، تتجه مصر نحو تحقيق أمن طاقي مستدام.
وتمثل الخطة المصرية لجذب 20 شركة محلية لتطوير حقول النفط القديمة خطوة جريئة نحو تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستقلالية الطاقية، ومن خلال الجمع بين الاستثمار المحلي والتكنولوجيا الحديثة، تسعى مصر لإعادة إحياء ثرواتها النفطية وتأكيد مكانتها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة الإقليمية.