موسم الصيف مولع.. طفرة غير مسبوقة بعدد السياح في مصر وإشغال الفنادق يتخطي 80%

السياحة في مصر
السياحة في مصر

في قلب الصيف في مصر، حيث تتوهج الشمس فوق الرمال الذهبية للبحر الأحمر وتتسلل أشعتها إلى شوارع القاهرة التاريخية، تشهد مصر نهضة سياحية غير مسبوقة، وفنادق البلاد، التي تتراوح بين المنتجعات الفاخرة في الغردقة ومرسى علم والفنادق العائمة على ضفاف النيل، والقرى السياحية الفاخرة في الساحل الشمالي، تسجل معدلات إشغال تجاوزت 80% في معظم المناطق السياحية، مدعومة بزيادة ملحوظة في أعداد السائحين بنسبة وصلت إلى 24% منذ بداية العام وحتى نهاية يوليو 2025.

وهذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل قصة نجاح تعكس جهودًا حثيثة لاستعادة مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية رائدة.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض الطفرة السياحية الكبيرة في مصر خلال الفترة الحالية، والزيادة الكبيرة في أعداد السياح.

انتعاش سياحي مدعوم بالاستقرار والتنوع

وشهدت مصر خلال النصف الأول من عام 2025 تدفقًا سياحيًا استثنائيًا، حيث استقبلت 8.7 مليون سائح، وفقًا لتقارير وزارة السياحة والآثار.

وهذا النمو، الذي بلغ 17% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، يعكس جاذبية المقصد المصري الذي يجمع بين الشواطئ الساحرة، المواقع الأثرية الفريدة، والتجارب الثقافية المتنوعة.

واللافت أن هذا الانتعاش جاء رغم التحديات الجيوسياسية في المنطقة، مما يبرز الاستقرار الأمني والسياسي الذي تتمتع به مصر، والذي أشار إليه خبراء السياحة كعامل رئيسي في جذب الزوار.

وسجلت إشغالات فندقية تجاوزت 95% خلال موسم الصيف، بينما وصلت نسب الإشغال في القاهرة والإسكندرية والساحل الشمالي إلى 100% في بعض الفترات، مدفوعة بإقبال كبير من السائح العربي والأوروبي على حد سواء.

وهذا الإقبال يعكس نجاح الاستراتيجية الوطنية للسياحة التي أطلقتها الحكومة المصرية، والتي تركز على تنويع المنتج السياحي ليشمل السياحة الشاطئية، والثقافية، والدينية، والمغامرات.

دعم استثماري وتوسع فندقي

ولم يكن هذا النجاح وليد الصدفة، بل نتيجة استثمارات ضخمة ومبادرات حكومية طموحة، ففي عام 2024، أطلقت مصر مبادرة بقيمة 50 مليار جنيه لدعم الشركات السياحية، بهدف زيادة الطاقة الفندقية بإضافة 6 آلاف غرفة جديدة خلال 2025، مع خطط للوصول إلى 432 ألف غرفة بحلول 2028 لاستيعاب هدف استقبال 30 مليون سائح سنويًا بحلول 2030.

وهذه المبادرة، التي تقدم قروضًا بفائدة متناقصة 12%، شجعت القطاع الخاص على التوسع في إنشاء فنادق جديدة وتطوير المنشآت القائمة.

السياحة في مصر
السياحة في مصر

كما ساهمت تسهيلات التأشيرات الإلكترونية وإعفاء بعض الجنسيات من التأشيرة في زيادة أعداد السياح، خاصة من أسواق جديدة مثل الصين وتركيا وإسبانيا، إلى جانب الأسواق التقليدية كألمانيا، وروسيا، والمملكة العربية السعودية.

وأشارت تقارير إلى أن متوسط إنفاق السائح بلغ 100 دولار لليلة، مع إقامة تتراوح بين 7 و10 ليال، مما ساهم في تحقيق إيرادات سياحية قياسية بلغت 15 مليار دولار في 2024، مع توقعات بزيادة إلى 18 مليار دولار في 2025 إذا استقرت الأوضاع الجيوسياسية.

تجارب سياحية متنوعة

وما يميز مصر في 2025 هو تنوع التجارب السياحية التي تقدمها، فإلى جانب الشواطئ الخلابة في البحر الأحمر وجنوب سيناء، شهدت السياحة الثقافية طفرة ملحوظة، حيث اختارت مجلة Travel + Leisure مدينة الأقصر ضمن أفضل 50 وجهة سياحية عالميًا لعام 2025.

كما يجري تطوير منتج سياحي جديد بعنوان Cairo City Break، يهدف إلى جعل القاهرة مقصدًا سياحيًا قائمًا بذاته يجمع بين المعالم الفرعونية، والقبطية، والإسلامية.

علاوة على ذلك، تشهد السياحة النيلية تطورًا كبيرًا مع خطط لزيادة الطاقة الفندقية العائمة إلى 25 ألف غرفة بحلول 2030، بينما يحظى مسار العائلة المقدسة ومشروع التجلي الأعظم في سانت كاترين باهتمام متزايد من السياح الدينيين.

وسياحة المغامرات، مثل السفاري الصحراوي، جذبت 20 ألف زائر في النصف الأول من 2025، مما يعكس الإقبال المتزايد على هذا النمط السياحي.

توقعات مستقبلية واعدة

وتتوقع منظمة السياحة العالمية أن تتصدر مصر قائمة الدول العربية في أعداد الزوار بحلول 2027، مع احتلالها المرتبة العاشرة عالميًا في نمو السياحة خلال الربع الأول من 2025.

ومع استمرار تحسين البنية التحتية، من مطارات جديدة مثل مطار سفنكس والعاصمة الإدارية، وزيادة عدد رحلات الطيران العارض بأسعار تنافسية، يبدو أن مصر على أعتاب تحقيق أرقام سياحية غير مسبوقة.

وخبراء السياحة يرون أن استقرار الأوضاع الجيوسياسية قد يدفع أعداد السائحين إلى 18 مليون زائر في 2025، بزيادة تتراوح بين 15 و20% مقارنة بـ15.8 مليون سائح في 2024.

وهذه التوقعات تعززها حملات ترويجية مكثفة في الأسواق الناشئة، إلى جانب تحسين جودة الخدمات السياحية التي وصلت إلى معدل 85.1% وفقًا لمؤشر Global Review Index.

ومع إشغالات فندقية تتجاوز 80% وزيادة مستمرة في أعداد السائحين، تثبت مصر أنها ليست مجرد وجهة سياحية، بل تجربة متكاملة تأسر القلوب وتثري العقول.

ومن أهرامات الجيزة إلى شواطئ البحر الأحمر، ومن الأسواق الصاخبة في القاهرة إلى الهدوء الروحاني في سانت كاترين، تظل مصر رمزًا للتنوع والجاذبية، ومع استمرار الجهود الحكومية والاستثمارات الضخمة، يبدو أن عام 2025 سيحمل المزيد من القصص الملهمة للسياحة المصرية، التي تكتب فصولها بثقة على خريطة السياحة العالمية.

تم نسخ الرابط