مئات الملايين من الدولارات دخلت السوق الثانوي لديون الحكومة المصرية.. القصة كاملة

السندات المصرية
السندات المصرية

في خضم التحديات الاقتصادية والتوترات الإقليمية، شهدت السوق الثانوي لديون الحكومة المصرية تدفقات استثمارية كبيرة، حيث سجلت تعاملات العرب والأجانب صافي شراء بقيمة 710 ملايين دولار، وفقًا لبيانات البورصة المصرية.

وهذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل تعكس ثقة متجددة في قدرة الاقتصاد المصري على الصمود وجذب الاستثمارات، حتى في ظل تقلبات الأسواق العالمية.

ويأتي هذا التطور بالتزامن مع انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية، وإعلانات حكومية طموحة لتنويع أدوات التمويل وخفض الدين الخارجي.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نغوص في تفاصيل هذه القصة، ونستعرض كيف تتحرك مصر لتعزيز استقرارها المالي وتوسيع قاعدة مستثمريها.

تدفقات استثمارية تتحدى التوترات الإقليمية

وعلى الرغم من التوترات الإقليمية، بما في ذلك الهجوم الأخير على الدوحة، أظهرت السوق الثانوي لأذون وسندات الخزانة المصرية جاذبية لافتة، حيث سجلت تعاملات المستثمرين الأجانب والعرب صافي شراء بقيمة 710 ملايين دولار، مما يعكس إقبالًا متزايدًا على الأدوات المالية المصرية.

وهذا الإقبال يأتي مدعومًا بانخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية لأجل 5 سنوات إلى 405 نقاط أساس في تداولات الخميس الماضي، مقارنة بـ418 نقطة في 9 سبتمبر 2025.

وهذا الانخفاض يشير إلى تراجع المخاوف بشأن قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها المالية، مما يعزز مكانتها كوجهة استثمارية آمنة نسبيًا في المنطقة.

استقرار الجنيه وتدعيم الثقة

وفي سياق موازٍ، شهد الجنيه المصري تحسنًا ملحوظًا أمام الدولار، حيث انخفض سعر العملة الأمريكية بنسبة 0.79% خلال الأسبوع الماضي، ليصل إلى 48.07 جنيه للشراء و48.16 جنيه للبيع، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

وهذا الاستقرار يعكس جهود الحكومة المصرية في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي وتحسين إدارة السياسات النقدية، مما يدعم الثقة في الأدوات المالية المحلية.

طرح سندات وصكوك

وأعلن وزير المالية،أحمد كجوك، عن خطط طموحة لتوسيع نطاق التمويل من خلال طرح حزمة من الصكوك والسندات الدولية بقيمة تتراوح بين 3 إلى 4 مليارات دولار خلال العام المالي الجاري.

وفي خطوة غير مسبوقة، تستعد مصر لطرح أول صكوك محلية قبل نهاية عام 2025، دون الكشف عن قيمة الإصدار الأول حتى الآن.

وفي يناير 2025، نجحت مصر في طرح سندات دولية بقيمة ملياري دولار، مقسمة إلى شريحتين: الأولى بقيمة 1.25 مليار دولار لأجل 5 سنوات بعائد 8.625%، والثانية بقيمة 750 مليون دولار لأجل 8 سنوات بعائد 9.45%.

السندات المصرية
السندات المصرية

ولاقى هذا الطرح إقبالًا كبيرًا، حيث تمت تغطيته بنحو 5 مرات، مع طلبات شراء وصلت إلى 10 مليارات دولار، وفي يونيو الماضي، استأنفت مصر خطتها لإصدار الصكوك السيادية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، بطرح إصدار ثانٍ بقيمة مليار دولار على شكل طرح خاص.

وهذه الخطوات تؤكد حرص الحكومة على تنويع مصادر التمويل وجذب مستثمرين من خلفيات مالية متنوعة، بما يشمل الأسواق الإسلامية.

استراتيجية جديدة للدين وخفض العبء الخارجي

وكشف كجوك عن إعداد استراتيجية جديدة لإدارة الدين حتى عام 2030، سيتم الإعلان عنها قبل ديسمبر 2025، وتشمل هذه الاستراتيجية آليات تمويلية مبتكرة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الدين الخارجي، الذي يبلغ حاليًا حوالي 157 مليار دولار.

وأشار الوزير إلى نجاح مصر في خفض الدين الخارجي بقيمة 4 مليارات دولار خلال العامين الماضيين، مع خطط لخفض إضافي بقيمة ملياري دولار بنهاية العام الحالي.

كما أكد أن أي إيرادات استثنائية سيتم توجيهها لسد عجز الموازنة، مما يعزز الاستدامة المالية.

تحفيز السوق المحلي وجذب الشركات

وفي إطار تعزيز السوق المحلي، أعلن كجوك عن مناقشات مع هيئة الرقابة المالية لتحفيز الشركات على الانضمام إلى البورصة المصرية، إلى جانب حزمة تسهيلات ضريبية سيتم الكشف عنها قريبًا.

وهذه الخطوات تهدف إلى تعزيز السيولة في الأسواق المحلية ودعم نمو القطاع الخاص، مما يساهم في تحسين بيئة الاستثمار.

وتتجه مصر بخطوات واثقة نحو تعزيز استقرارها المالي، مستفيدة من تدفقات الاستثمار الأجنبي، وتنويع أدوات التمويل، واستراتيجيات إدارة الدين الطموحة، كما أن التدفقات الكبيرة إلى السوق الثانوي للدين الحكومي، إلى جانب انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية، تعكس ثقة متزايدة في الاقتصاد المصري.

ومع خطط لإصدارات جديدة من الصكوك والسندات، واستراتيجية دين طويلة الأجل، تؤكد مصر التزامها بتحقيق استدامة مالية تدعم طموحاتها التنموية، رغم التحديات الإقليمية والعالمية.

تم نسخ الرابط