طفرة ضخمة في القنطرة غرب.. استثمارات تتجاوز مليار دولار عبر 38 مشروعًا في 2025

في خطوة تعزز من مكانة مصر كمركز صناعي إقليمي، أعلنت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس عن تحقيق طفرة استثمارية هائلة في منطقة القنطرة غرب الصناعية، حيث بلغت الاستثمارات نحو 1.0083 مليار دولار أمريكي من خلال 38 مشروعًا صناعيًا متنوعًا.
وهذه الإنجازات، التي جاءت بعد سلسلة من التعاقدات السريعة خلال عام 2025، تحول المنطقة إلى بوابة حيوية للتصدير نحو الأسواق العالمية، مع التركيز الرئيسي على قطاع الملابس الجاهزة والنسيج.
ووفقًا لتقارير الهيئة، أسهمت هذه المشاريع في توفير أكثر من 54.7 ألف فرصة عمل مباشرة، مما يدعم استراتيجية الدولة في تعزيز التوظيف وتوطين الصناعات الاستراتيجية، وهو ما نستعرض تفاصيله، في هذا التقرير، من سمارت فاينانس.
تحول منطقة القنطرة غرب إلى مركز صناعي إقليمي
وشهدت منطقة القنطرة غرب، الواقعة في محافظة الإسماعيلية ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، نموًا استثنائيًا خلال الأشهر الأولى من عام 2025.
وبدأت الطفرة بتوقيع عقود أولية في يناير، وتصاعدت مع جولات ترويجية ناجحة في الصين وتركيا، لتصل الاستثمارات الإجمالية إلى 1.0083 مليار دولار بحلول سبتمبر.
وتغطي هذه المشاريع مساحة إجمالية قدرها 2.382 مليون متر مربع، وتشمل قطاعات متنوعة مثل النسيج، الملابس الجاهزة، التعبئة والتغليف، واللوجستيات.
وأكد وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية، في تصريحات حديثة، أن "هذه الطفرة تعكس الثقة الدولية في البيئة الاستثمارية المصرية، مدعومة بموقع استراتيجي يربط بين موانئ قناة السويس وأسواق أوروبا وأفريقيا".
ومن المتوقع أن يصل عدد المشاريع إلى 40 بحلول نهاية العام، مع إضافة استثمارات جديدة بقيمة 50 مليون دولار على الأقل.
سيطرة قطاع الملابس الجاهزة
ويحتل قطاع الملابس الجاهزة والنسيج المركز الأبرز في هذه الطفرة، حيث استحوذ على 32 مشروعًا بقيمة استثمارية تصل إلى 865 مليون دولار، أي أكثر من 85% من الإجمالي.
وهذه المشاريع تشكل منظومة صناعية متكاملة تشمل الغزل، النسيج، الصباغة، الطباعة، والتصنيع النهائي، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويعزز القدرة التنافسية العالمية.
ومن أبرز هذه المشاريع، مصنع "شوانفينج" الصيني الذي تم توقيعه في سبتمبر 2025 بـ8 ملايين دولار على مساحة 20 ألف متر مربع، ويهدف إلى إنتاج 16.5 مليون قطعة ملابس سنويًا للتصدير بنسبة 100%.
كما يأتي مشروع "إيفرفار للمنسوجات" بـ130 مليون دولار، الذي يوفر 3,200 فرصة عمل ويغطي سلسلة إنتاج كاملة من الغزل إلى الملابس.
وفي يوليو، وقعت ثلاثة عقود صينية بـ65.5 مليون دولار مع شركات مثل "شاندونغ صن شل" و"زيجيانج شارمينج"، لإنتاج أكثر من 11 مليون قطعة سنويًا، مع تخصيص 90% للتصدير.
وهذه المشاريع لا تقتصر على الإنتاج فحسب، بل تشمل تطوير المهارات المحلية، حيث يخصص 70% من الوظائف للعمالة المصرية، مما يساهم في تدريب آلاف الشباب على أحدث التقنيات في صناعة النسيج.

الصين أكبر الدول المستثمرة في القنطرة غرب
وتعد الصين الشريك الرئيسي في هذه الطفرة، حيث ساهمت بأكثر من 60% من الاستثمارات، أي حوالي 600 مليون دولار عبر عشرات المشاريع.
وجاءت هذه الاستثمارات نتيجة جولات ترويجية ناجحة في مدن مثل هانغتشو وجيانجسو، حيث وقعت الهيئة عقودًا مع شركات عملاقة مثل "جي إس جلوبال سورسينج" بـ15 مليون دولار، و"دي سيتا" بـ40 مليون دولار لإكسسوارات الملابس.
وفي أغسطس 2025، أضيفت ثلاثة مشاريع صينية بـ52.6 مليون دولار، بما في ذلك مصنع "تشانجتشو رامادا" للأقمشة المنزلية بـ22.6 مليون دولار، ينتج أكثر من 80 نوعًا من المنتجات، وفي سبتمبر، وقع عقد "هايان شيمي" بـ10 ملايين دولار للتعبئة والتغليف، مما يكمل السلسلة الإنتاجية.
ويعزى هذا الاهتمام الصيني إلى الموقع اللوجستي الفريد للقنطرة غرب، الذي يوفر وصولًا سريعًا إلى أسواق أوروبا عبر ميناء غرب بورسعيد، بالإضافة إلى الحوافز الضريبية والعمالة الرخيصة.
ومع ذلك، ليست الصين الوحيدة، فقد ساهمت تركيا بمشاريع مثل "إروغلو نيتينج" بـ120 مليون دولار، وألمانيا بمشروع "صن جاردن" للمفروشات بـ10 ملايين دولار في أغسطس، مما يعكس تنوع الشراكات الدولية.
مشاريع متنوعة تدعم التكامل الصناعي في القنطرة غرب 2025
ولا تقتصر الاستثمارات على النسيج، فمن بين الست مشاريع المتبقية، يبرز مشروع "هينيواي" الصيني للحقائب بـ50 مليون دولار، و"هاي تك" التايلاندي بـ20 مليون دولار كأول مصنع تايلاندي في الشرق الأوسط.
كما أضيفت مشاريع لوجستية مثل "سيجما مصر" بـ4.2 مليون دولار لساحات إيداع جمركي، ومشروع تعبئة بـ60 مليون دولار، مما يعزز التكامل بين الصناعة والنقل.
وفي مارس 2025، وقعت عقود بـ28 مليون دولار لصباغة المنسوجات، وفي أبريل، بلغ الإجمالي 8.3 مليار دولار للمنطقة بأكملها عبر 272 مشروعًا.
وهذه التنوع يدعم هدف الدولة في بناء قاعدة صناعية مستدامة، مع التركيز على التصدير الذي يشكل 80-100% من الإنتاج في معظم المشاريع.
فرص عمل ودعم الاقتصاد المصري
وتعد هذه الطفرة نقلة نوعية للاقتصاد المصري، حيث توفر 54.7 ألف وظيفة مباشرة، معظمها للشباب في محافظات القناة، مما يقلل البطالة ويعزز الدخل المحلي.
واقتصاديًا من المتوقع أن تساهم في زيادة الصادرات بنحو 2 مليار دولار سنويًا، خاصة إلى أوروبا والولايات المتحدة، مستفيدة من اتفاقيات التجارة الحرة.
وبالإضافة إلى ذلك، تدعم المشاريع التنمية المستدامة من خلال استخدام تقنيات صديقة للبيئة، مثل الصباغة الخضراء في مشاريع النسيج، وتكاملها مع البنية التحتية مثل محطات المياه بطاقة 35 ألف متر مكعب يوميًا.
مستقبل الاستثمارات في القنطرة غرب
ومع اقتراب نهاية 2025، تتطلع الهيئة إلى جذب استثمارات إضافية تصل إلى 200 مليون دولار في 2026، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي في التصنيع والطاقة المتجددة.
ويتوقع أن يصبح القنطرة غرب مركزًا إقليميًا للنسيج، مشابهًا لمناطق في آسيا، مدعومًا بشراكات مع الصين وأوروبا، وهذه الطفرة ليست مجرد أرقام، بل خطوة نحو اقتصاد مصري أقوى وأكثر اندماجًا عالميًا.