الضبابية تسيطر على المشهد.. هل يكسر سعر أونصة الذهب 5000 دولار قريباً؟

في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة والتغيرات الاقتصادية غير المتوقعة، يظل الذهب واحداً من أبرز الأصول الآمنة التي يلجأ إليها المستثمرون، ومع اقتراب نهاية العام، يبرز السؤال الكبير: هل سيتجاوز سعر أونصة الذهب عتبة 5000 دولار الأمريكي قريباً؟.
ويسيطر الضباب الاقتصادي حالياً على المشهد، مدفوعاً بتوقعات خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وإغلاق محتمل للحكومة الأمريكية، وتصاعد النزاعات العالمية.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض الوضع الحالي، العوامل المؤثرة.
اقتراب من المستويات القياسية
وحسب أحدث التقارير، يتداول سعر أونصة الذهب الفوري حالياً عند حوالي 3961.71 دولار أمريكي، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 1.93% مقارنة باليوم السابق، وهذا السعر يعكس زخماً صاعداً، حيث بلغ الارتفاع الشهري 8.97%، ويأتي في سياق صعود سنوي يتجاوز 49.90% مقارنة بالعام الماضي.
وفي 6 أكتوبر، سجل الذهب ارتفاعاً إلى 3947.80 دولار، مدعوماً بتدفقات قوية من البنوك المركزية والمستثمرين.
كما شهد الذهب ارتفاعاً دراماتيكياً هذا العام، حيث تجاوز 3900 دولار في وقت سابق من أكتوبر، مسجلاً سبعة أسابيع متتالية من الارتفاعات بفضل توقعات خفض الفائدة ودراما إغلاق الحكومة الأمريكية.
وفقاً لـ Fortune، ارتفع السعر بنسبة تزيد عن 25% منذ بداية 2025، مما يجعله واحداً من أفضل الأصول أداءً في ظل التقلبات السوقية.
وهذا الارتفاع ليس مصادفة، بل نتيجة لضغوط اقتصادية تجعل الذهب ملاذاً آمناً.
الضباب الاقتصادي والجيوسياسي
وتسيطر الضبابية على أسواق الذهب بفعل عدة عوامل مترابطة، أولاً توقعات خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي: يتوقع السوق خفضاً بنسبة 25 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر بنسبة 97%، وآخر في ديسمبر بنسبة 88%، مما يقلل من تكلفة حمل الذهب غير المدر للدخل.
وثانيًا التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك النزاعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا، والتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تدفع المستثمرين نحو الذهب كحاجز ضد المخاطر.
كما أن إغلاق الحكومة الأمريكي المحتمل يعزز من الطلب على الملاذ الآمن، حيث ينظر إلى الذهب كوسيلة للحفاظ على القيمة أثناء الاضطرابات السياسية.
ومن ناحية أخرى، ضعف الدولار الأمريكي يدعم الارتفاع، إذ يجعل الذهب أكثر جاذبية للمشترين الأجانب، ووفقاً لـWorld Gold Council، ساهمت المخاطر والضبابية بنسبة 4% في عائد الذهب خلال الأشهر الستة الماضية، مدعومة بارتفاع مؤشر المخاطر الجيوسياسية.
وكذلك، الطلب من البنوك المركزية، الذي يتوقع أن يصل إلى 900 طن في 2025، يعزز من الزخم، خاصة مع تنويع الاحتياطيات بعيداً عن الدولار.
ومع ذلك، قد يحد ارتفاع الأسعار من الطلب الاستهلاكي، مما يشجع على إعادة التدوير ويضيف طبقة من الغموض

هل 5000 دولار في الأفق؟
وتختلف التوقعات، لكن الإجماع يميل نحو الارتفاع، حيث توقع بنك جي بي مورجان، أن أسعار الذهب ستتجاوز حاجز 5000 دولار بحلول الربع الثاني من 2026، مدفوعاً باحتمال ركود أمريكي بنسبة 60% بسبب التعريفات الجمركية.
كما يحذر InvestingHaven من فترات ضعف محتملة، لكنه يؤكد على هدف 4200 دولار في 2026، في حين تميل توقعات بنك HSBC أن يذهب أبعد، ويتجاوز 4000 دولار قريباً بسبب التحديات المالية والجيوسياسية.
وهذه التوقعات تعتمد على استمرار الطلب القوي، لكنها تحذر من تقلبات إذا هدأت التوترات.
الاتجاهات التاريخية والدروس من الماضي
ويعكس الارتفاع الحالي اتجاهات تاريخية، منذ 1971، حقق الذهب عوائد سنوية متوسطة 7.9%، مقارنة بـ10.7% للأسهم، لكنه يتفوق في أوقات الضبابية.
وفي أزمة 2008، ارتفع من 730 إلى 1300 دولار في عامين، وفي جائحة كوفيد، تجاوز 2900 دولار في 2025، وهذا العام، سجل 47% ارتفاعاً، مدفوعاً بالبنوك المركزية التي اشترت أكثر من 1000 طن لثلاث سنوات متتالية.
والمؤكد أن الذهب يزدهر في الاضطرابات، لكنه يعاني عندما تتحسن الاقتصادات.
استراتيجيات في ظل الضباب
وبالنسبة للمستثمرين، ينصح بشراء الانخفاضات كاستراتيجية، خاصة مع توقعات الارتفاع.
وصناديق الذهب مثل SPDR Gold Shares تحمل أكثر من 31.6 مليون أونصة، بقيمة 90 مليار دولار، مما يعكس ثقة المؤسسات، وومع ذلك، يجب التنويع، إذ قد يؤدي ارتفاع الأسعار إلى انخفاض الطلب الاستهلاكي، وفي الهند والصين، حيث يشكل الطلب الجوهري نسبة كبيرة، قد يحد الأسعار العالية من الشراء.
الذهب فرصة أم مخاطرة؟
ومع سيطرة الضبابية على المشهد، يبدو أن كسر 4000 دولار قريباً أمراً محتملاً، خاصة إذا استمرت التوترات.
والتوقعات تشير إلى ارتفاع مستمر، لكن التقلبات تبقى قائمة. يظل الذهب خياراً حاسماً للحفاظ على الثروة في 2025، لكنه يتطلب حذراً.