مع بداية موسم إنتاج السكر.. أزمة جديدة تواجه المنتج المحلي | ما هي الأسباب؟

صناعة السكر في مصر
صناعة السكر في مصر

مع انطلاق موسم إنتاج السكر الجديد في مصر، يواجه المنتجون المحليون أزمة اقتصادية حادة تهدد استدامة الصناعة، ورغم تحقيق إنتاج قياسي بلغ 3.12 مليون طن هذا العام، إلا أن الخسائر الفادحة تتراكم بسبب المنافسة الشرسة من الاستيراد الخارجي الرخيص وارتفاع التكاليف الإنتاجية.

وهذه الأزمة، التي تكشف عن تناقضات في سوق السكر المصري، تأتي في وقت يشهد فيه السوق فائضاً في المخزون يغطي احتياجات البلاد لأكثر من عام كامل.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التفاصيل الأسباب وراء أزمة السكر في مصر، والتأثيرات والحلول المقترحة.

خسائر فادحة رغم الإنتاج القياسي

وفي ديسمبر 2025، أصبحت صناعة السكر في مصر أمام تحدٍ كبير، حيث تكبدت المصانع خسائر تجاوزت 10 مليارات جنيه مصري رغم طفرة في الإنتاج.

ووفقاً لتقارير حديثة، بلغ الإنتاج السنوي 3.12 مليون طن، مقسمة إلى 620 ألف طن من قصب السكر و2.5 مليون طن من بنجر السكر، وهذا الرقم يمثل زيادة ملحوظة، مدعومة بزراعة 750 ألف فدان من البنجر (زيادة بنسبة 25%) و310 آلاف فدان من القصب.

ومع ذلك، يظل الاستهلاك السنوي عند 3.4 مليون طن، مما يولد فائضاً يضغط على الأسعار والمبيعات.

والأزمة ليست في النقص، بل في الفائض الراكد الذي يبلغ 1.3 مليون طن، يكفي لتغطية احتياجات السوق لمدة 13 شهراً.

وهذا المخزون يزيد من التكاليف، حيث يتحمل كل طن راكد فوائد بنكية تصل إلى 4 آلاف جنيه سنوياً، مما يعمق الخسائر للمصانع الحكومية والخاصة على حد سواء.

أسباب أزمة السكر المصري

ويعتبر الاستيراد الخارجي السبب الرئيسي لهذه الأزمة، حيث يتم استيراد السكر الخام بأسعار منخفضة تصل إلى 22 ألف جنيه للطن، ثم تكريره محلياً بتكلفة إضافية قدرها 2000 جنيه، ليباع المنتج النهائي بـ24 ألف جنيه للطن.

وفي المقابل، تتجاوز تكلفة الإنتاج المحلي 30 ألف جنيه للطن، مما يؤدي إلى خسائر تتراوح بين 3 إلى 6 آلاف جنيه لكل طن ينتج محلياً.

وهذه المنافسة غير العادلة تأتي في ظل انخفاض الأسعار العالمية للسكر إلى أدنى مستوياتها منذ 5 سنوات، مما يشجع على زيادة التدفقات المستوردة رغم الحظر الحكومي.

كما يساهم ارتفاع تكاليف الإنتاج في تعميق الجرح، خاصة مع مستحقات المزارعين التي تتجاوز 5 مليارات جنيه في بعض المصانع.

صناعة السكر في مصر
صناعة السكر في مصر

والشركات الخاصة والحكومية (حوالي 16 مصنعاً كبيراً، منها 8 حكومية) تبيع بخسائر لتجنب تراكم الفوائد البنكية، لكن هذا لا يحل المشكلة جذرياً.

ووفقاً لمسؤولين، فإن "الخسارة في البيع أقل ضرراً من تراكم الفوائد البنكية"، مما يعكس الضغط المالي الشديد.

إجراءات الحكومة المصرية لمواجهة أزمة السكر 2025

وردت الحكومة المصرية على هذه الأزمة بإجراءات سريعة، أبرزها قرار رقم 485 لسنة 2025 بحظر استيراد السكر المكرر لمدة 3 أشهر، تنتهي في فبراير 2026.

والهدف من هذا الحظر دعم الإنتاج المحلي وحماية الصناعة الوطنية، مع السماح باستيراد الكميات المحددة فقط بموافقة رسمية.

كما خفضت الحكومة السعر الاسترشادي لتوريد بنجر السكر بنسبة 16.6% إلى 2000 جنيه للطن في موسم 2025-2026، بهدف موازنة الإنتاج وتجنب الفائض الزائد.

وبالإضافة إلى ذلك، أنشأت الحكومة تنسيقاً بين وزارات التموين والاستثمار والزراعة، بالإضافة إلى جهاز مستقبل مصر والجهاز المصرفي، لتقديم دعم مالي وتسهيلات للشركات.

ووزير التموين شريف فاروق أكد في تصريحات حديثة: "نساند شركات إنتاج السكر من البنجر والقصب بحظر الاستيراد لارتفاع المخزون، وننسق لدعمها وحماية الصناعة".

كما تطالب الجهات المعنية بفرض رسوم إغراق أو كوتا استيراد على السكر الخام لضمان تكافؤ الفرص.

تأثيرات أزمة السكر على المنتجين المحليين والسوق المصري

والتأثيرات السلبية تمتد إلى المنتجين المحليين، حيث يهدد الوضع الحالي بإغلاق بعض المصانع وفقدان آلاف الوظائف، والبنوك أصبحت مترددة في تقديم تمويلات جديدة لمصانع البنجر بسبب ضعف التدفقات النقدية وتذبذب الأسعار.

ورئيس أحدى الشركات الخاصة حذر قائلاً: "استمرار الوضع سيؤدي إلى فشل المصانع في الصمود وإغلاقها"، مطالبًا ضرورة فرض رسوم حماية أو كوتا استيراد.

من ناحية السوق، انخفضت أسعار السكر إلى 26-27 ألف جنيه للطن في المصانع، و28-35 جنيهاً للكيلوجرام للمستهلكين، دون توقعات بزيادة مع اقتراب رمضان بفضل المخزون الوفير ودخول إنتاج القصب الجديد في يناير.

وحسن الفندي، رئيس شعبة السكر في اتحاد الصناعات، يتوقع تحسناً مع زيادة الطلب في رمضان، لكنه يحذر من محاولات بعض التجار لإثارة أزمات مفتعلة.

مستقبل صناعة السكر في مصر

ورغم التحديات، حققت مصر الاكتفاء الذاتي من السكر في 2025، مع توقعات بإنتاج 2.9 مليون طن في 2026، والاستثمارات الحكومية، مثل تخصيص 16 مليار جنيه لدعم محصول القصب و7 مليارات للعمليات الصناعية، تعزز هذا الاتجاه.

ومع ذلك، يظل الاستيراد الخارجي والتكاليف العالية "كلمة السر" في الأزمة، مما يتطلب تدخلات أقوى مثل رسوم الحماية لضمان استدامة الصناعة.

وتكشف أزمة السكر في مصر عن حاجة ماسة لتوازن بين الإنتاج المحلي والمنافسة الدولية، ومع بداية الموسم الجديد، يأمل المنتجون في أن تؤدي الإجراءات الحكومية إلى تعاف سريع، لكن التحديات الاقتصادية تبقي المستقبل معلقاً على قرارات حاسمة.

تم نسخ الرابط