مصر تنادي أبناءها.. فرص استثمارية لا تفوت للمصريين بالخارج

في قلب كل مصري يعيش بعيدًا عن أرض الوطن، تظل جذور الانتماء راسخة، تحمل في طياتها حنينًا لا ينضب وطموحًا للمساهمة في بناء مستقبل أفضل، وتدرك الدولة المصرية هذا الشغف، وتعمل بكل جهد لتحويل تلك العاطفة إلى استثمارات فعلية تدعم الاقتصاد الوطني.
ومع وجود أكثر من 11 مليون مصري في الخارج، يمثل هؤلاء الأبناء قوة اقتصادية هائلة، يسعى الوطن لاستثمارها من خلال استراتيجيات مبتكرة ومبادرات طموحة تهدف إلى جذب اهتمامهم للاستثمار في مصر.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض الجهود الحكومية الرامية إلى تعزيز مشاركة المصريين بالخارج في دعم الاقتصاد الوطني، مع تسليط الضوء على السياسات والفرص التي تجعل من مصر وجهة استثمارية جاذبة.
استراتيجيات حكومية لجذب الاستثمارات
وتعتمد مصر على رؤية اقتصادية طموحة تهدف إلى تحويلها إلى مركز إقليمي للاستثمار، وفي هذا السياق، تبذل الحكومة جهودًا مكثفة لجذب المصريين بالخارج.
ووفقًا لتصريحات رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، تعمل الدولة على تشجيع المصريين بالخارج لتحويل مدخراتهم عبر القنوات الرسمية، مع توفير أدوات ادخارية جديدة بالتعاون مع البنك المركزي المصري، وهذه الأدوات تهدف إلى تحويل التحويلات المالية إلى استثمارات منتجة، مما يعزز من استقرار العملة المحلية ويدعم الاحتياطي النقدي.
وإحدى المبادرات البارزة هي إطلاق برامج استثمارية مخصصة تستهدف المصريين بالخارج، مثل برنامج "مدرستك في مصر"، الذي يتيح لهم المساهمة في تطوير التعليم، إلى جانب طرح وحدات عقارية وفرص استثمارية في قطاعات متنوعة.
كما أعلن أحمد الشيخ، رئيس البورصة المصرية، عن مبادرات لتوسيع قاعدة المستثمرين من المصريين بالخارج، بالتعاون مع مؤتمر "المصريين في الخارج"، لتقديم فرص استثمارية في البورصة المصرية، مما يعزز من ثقتهم في السوق المحلي.

تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الإجراءات
ولجذب المصريين بالخارج، تعمل الحكومة على تحسين بيئة الأعمال من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتقديم حوافز استثمارية.
وعلى سبيل المثال، أطلقت الدولة "الرخصة الذهبية" التي تتيح للمستثمرين إقامة مشروعات بسرعة دون تعقيدات بيروقراطية، وقد تم منح أكثر من 25 رخصة ذهبية في قطاعات مثل الصناعات الدوائية والتكنولوجيا، مما يشجع المستثمرين على الدخول في السوق المصري.
كما أصدرت الحكومة تعديلات تشريعية، مثل تعديل قانون الاستثمار لعام 2017، لتسهيل تملك الأجانب للعقارات وقيد المستثمرين الأجانب في سجل المستوردين، مما يعزز من جاذبية السوق العقاري للمصريين بالخارج.
قطاعات استثمارية واعدة
وتركز الدولة على قطاعات حيوية لجذب المستثمرين، مثل الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، حيث يعد مشروع "رأس الحكمة" نموذجًا بارزًا للشراكات الإقليمية الناجحة، وجذبت استثمارات إماراتية بقيمة 35 مليار دولار، مما يعكس الثقة في الاقتصاد المصري.
كما تسعى مصر لتطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كمركز لوجستي إقليمي، مما يوفر فرصًا استثمارية في النقل والصناعة، وهذه القطاعات تقدم عوائد مجزية، مما يشجع المصريين بالخارج على استثمار مدخراتهم في مشروعات ذات قيمة مضافة.
علاوة على ذلك، فإن استقرار الاقتصاد الكلي، المدعوم بإصلاحات اقتصادية بدأت منذ 2016 بدعم من صندوق النقد الدولي، عزز من ثقة المستثمرين.
كما أن تحسين التصنيف الائتماني لمصر إلى "B" مع توقعات إيجابية من وكالة "فيتش" يعكس تحسن بيئة الاستثمار.
جسر بين المغتربين والوطن
وجهود مصر لجذب استثمارات المصريين بالخارج لا تقتصر على تقديم فرص اقتصادية، بل تمثل دعوة قلبية لهم ليكونوا جزءًا من نهضة الوطن، ومن خلال تحسين بيئة الأعمال، وتقديم حوافز استثمارية، والتركيز على قطاعات واعدة، تبني مصر جسورًا من الثقة مع أبنائها في الخارج.
ومع استمرار هذه الجهود، وبالتزامن مع استقرار الاقتصاد، يمكن أن تصبح مصر وجهة استثمارية رائدة، تحمل في طياتها أحلام المغتربين وطموحات الوطن.