مصر تحول الصحراء إلى جنة.. كيف استصلحت مصر ثلث أراضيها في 8 سنوات فقط؟!

في ظل التحديات المتزايدة للأمن الغذائي والنمو السكاني السريع، أصبحت مصر نموذجاً للتحول الزراعي الجريء، حيث حققت الدولة استصلاحاً هائلاً للأراضي الصحراوية خلال السنوات الثماني الماضية، يفوق ثلث الإنجازات التاريخية المتراكمة على مدى سبعة عقود.

ووفقاً لبيانات وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، بلغ إجمالي الأراضي المستصلحة منذ 2017 نحو 1.2 مليون فدان، مقارنة بـ3.5 مليون فدان تم استصلاحها تاريخياً منذ 1952 حتى 2022، مما يعكس نهضة زراعية غير مسبوقة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض تفاصيل هذا التحول، مع التركيز على المشاريع الرئيسية، والآفاق المستقبلية.

من الثورة إلى النهضة الحديثة

وبدأت قصة الإصلاح الزراعي في مصر مع صدور قانون الإصلاح الزراعي الأول في 9 سبتمبر 1952، بعد ثورة يوليو، حيث حدد الحد الأقصى للملكية 200 فدان، وتم توزيع نحو 817 ألف فدان على الفلاحين حتى السبعينيات.

ومع ذلك، انخفضت الوتيرة خلال الثمانينيات والتسعينيات بسبب التحديات الاقتصادية، حيث لم يتجاوز الاستصلاح الإجمالي 3.5 مليون فدان على مدى 70 عاماً، وفقاً لتقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وشهدت الفترة من 2013 إلى 2021 استصلاحاً محدوداً بلغ 620 ألف فدان فقط، لكن ثورة 30 يونيو 2013 أعادت إحياء الجهود، مع التركيز على التوسع الأفقي في الصحاري.

وبحلول 2025، أصبحت مصر قادرة على زيادة الرقعة الزراعية بنسبة 15% إضافية، مما يعزز من الاكتفاء الذاتي ويقلل الاعتماد على الواردات التي بلغت 60% من الاحتياجات الغذائية قبل 2017.

إنجازات الـ8 سنوات أرقام تتحدى التاريخ

وفي السنوات الثماني الماضية (2017-2025)، نجحت مصر في استصلاح أكثر من 1.2 مليون فدان، وهو ما يمثل أكثر من ثلث الإجمالي التاريخي (حوالي 35%)، وفقاً لوزير الزراعة علاء فاروق في تصريحاته لبرنامج "يحدث في مصر".

وارتفع إجمالي الأراضي القابلة للزراعة إلى 9.5 مليون فدان، مقابل 7 ملايين فدان قبل 2011، مع زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 53.8% ليصل إلى 2.6 تريليون جنيه في 2025/2026.

وساهمت هذه الإنجازات في تصدير 7 ملايين طن من المنتجات الزراعية الطازجة في 2023، رقم قياسي، ورفع نسبة بذور القمح المعتمدة إلى 100% في موسم 2023/2024.

كما أنشئت 332 مركزاً خدمياً زراعياً بتكلفة 2 مليار جنيه، ودعم 8 ملايين طن من الأسمدة بـ40 مليار جنيه على مدى ثلاث سنوات.

دلتا جديدة ومستقبل مصر يقودان التحول

ويبرز مشروع "الدلتا الجديدة" كأكبر مبادرة، بمساحة 2.2 مليون فدان عبر محافظات البحيرة، الجيزة، مطروح، والفيوم، وتم استصلاح 1.05 مليون فدان في المرحلة الأولى، مع زراعة 600 ألف فدان حتى مارس 2025، باستخدام 2,600 نظام ري محوري، مما ينتج محاصيل صيفية وشتوية بكفاءة عالية.

ويهدف المشروع إلى 1.6 مليون فدان مزروع بحلول نهاية 2025، و4.5 ملايين بحلول 2027، مع توفير 100 ألف فرصة عمل.

أما مشروع "مستقبل مصر"، الذي أُطلق في 2023، فيستهدف استصلاح 4.5 ملايين فدان بحلول 2027، مع التركيز على 2 مليون فدان في 2025، حيث يشمل نقل مياه عبر "نهر نيل جديد" طوله 500 كم، وزراعة 350 ألف فدان باستخدام 2,600 جهاز ري حديث، مما يضمن إنتاجاً مستداماً للمحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة.

ومن المشاريع الأخرى، توشكى الخير (1.1 مليون فدان، استصلاح 88 ألف فدان في 2024)، شمال ووسط سيناء (456 ألف فدان، 18 تجمعاً تنموياً لـ2,122 أسرة)، وسنابل سونو بأسوان (650 ألف فدان).

كما يشمل الوادي الجديد وشرق العوينات استصلاحاً إضافياً بلغ 110 ألف فدان في عوينات الشرقية، مع دعم لـ100 ألف شخص و20 ألف وظيفة.

نحو الاكتفاء الذاتي

وتستهدف خطة التنمية 2025/2026 زيادة الإنتاج الزراعي إلى 4 تريليون جنيه بحلول 2028/2029، مع توسيع المساحة المزروعة إلى 21 مليون فدان، بما في ذلك 52% للقمح و55% للذرة.

وتشمل الخطة إنشاء 18 مجمعاً زراعياً في سيناء، وتطوير بطاقة الفلاحين لـ80% من المستفيدين، بالإضافة إلى مشروع 100 ألف صوبة لتوفير 70% من المياه.

ويمثل التحول الزراعي في مصر قفزة نوعية نحو الاستدامة، حيث يحول الصحراء إلى أرض خصبة، ويوفر فرصاً للشباب، ويعزز الاقتصاد، ومع استمرار الدعم الحكومي والشراكات الدولية، من المتوقع أن يصل الاستصلاح إلى 4 ملايين فدان إضافية بحلول 2027، مما يضمن أمناً غذائياً لأكثر من 110 ملايين نسمة.