لحظة الحسم.. موعد إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة بين مصر وصندوق النقد الدولي

يقف الاقتصاد المصري على أعتاب مرحلة حاسمة مع اقتراب إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة المدمجتين ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي، حيث يأتي هذا في ظل توقعات بصرف شريحة تمويلية تصل إلى 2.5 مليار دولار، مما يعزز الاستقرار المالي ويدعم الإصلاحات الهيكلية.
وأشار وزير المالية أحمد كوجك إلى تحسن ملحوظ في الأداء الاقتصادي، حيث ارتفعت مساهمة القطاع الخاص إلى 60% من الاستثمارات، مع انخفاض الدين الخارجي بنحو 3 مليارات دولار خلال عامين.
ويستعرض هذا التقرير، من سمارت فاينانس، آخر التطورات، الإصلاحات المطلوبة، والتأثيرات المحتملة على الاقتصاد المصري.
برنامج الدعم من البداية إلى دمج المراجعات
وانطلق برنامج الدعم المالي بين مصر وصندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022 بقيمة 3 مليارات دولار، قبل أن يتم توسيعه إلى 8 مليارات دولار في مارس 2024 ضمن تسهيل الصندوق الممدد لمدة 46 شهراً.
ويهدف البرنامج إلى تعزيز الاستقرار المالي من خلال تقليص دور الدولة، تعزيز القطاع الخاص، وتطبيق إصلاحات مثل تحرير سعر الصرف وخفض العجز المالي.
وحتى الآن، تلقت مصر 3.5 مليارات دولار عبر أربع مراجعات، كان آخرها في مارس 2025 بقيمة 1.2 مليار دولار، وهي الأكبر حتى الآن.
وواجه البرنامج تحديات كبيرة بسبب صدمات خارجية، مثل الحرب في السودان التي تسببت في تدفق 603,000 لاجئ سوداني بحلول ديسمبر 2024، واضطرابات البحر الأحمر التي أدت إلى تراجع إيرادات قناة السويس بـ6 مليارات دولار في 2024 مقارنة بـ2023، مع استمرار الانخفاض في النصف الأول من 2025.
وفي يوليو 2025، قرر الصندوق دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لإتاحة وقت إضافي لتنفيذ الإصلاحات، مما أرجأ الصرف إلى الخريف، مع توقعات بإتمام الإجراءات في سبتمبر أو أكتوبر 2025.
خطوات نحو الإتمام في أكتوبر 2025
وفي 7 أكتوبر 2025، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن اجتماعات مرتقبة مع مسؤولي الصندوق خلال الأسبوع التالي لتحديد موعد بعثة المراجعة، مشيراً إلى إشادة المديرة التنفيذية كريستالينا جورجيفا بتقدم مصر.
كما أكد وزير المالية أحمد كوجك أمس الجمعة، خلال حوار بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن إتمام المراجعة بات وشيكاً، مع تحقيق مؤشرات اقتصادية متميزة، مثل انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي بنحو 10% خلال عامين.
ومع ذلك، أوضح الصندوق بداية الشهر الجاري أن التوقيت النهائي لا يزال قيد المناقشة، مع التركيز على إصلاحات مثل سياسة ملكية الدولة وسحب الاستثمارات من الأصول العامة.
ومن المتوقع وصول بعثة الصندوق في النصف الثاني من أكتوبر، بعد زيارة افتراضية في مايو 2025 ساهمت في تقدم فني.
وفي الوقت نفسه، ارتفع مستهدف الاقتراض الشهري إلى 838 مليار جنيه في سبتمبر 2025، بزيادة 25% عن أغسطس، لدعم الإنفاق العام، مما يعكس الضغوط المالية المستمرة.

الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي
وتركز المراجعة على الإصلاحات الهيكلية، حيث يطالب الصندوق بتسريع برنامج الطروحات الحكومية لجمع 3 مليارات دولار بحلول يونيو 2026، مع الحفاظ على الحد الأقصى لحساب الخزانة عند 238 مليار جنيه.
ومن التحديات الرئيسية بطء تقليص دور الدولة، الذي ساهم في دمج المراجعتين، إلى جانب الحاجة لرفع حصيلة الضرائب إلى 15% من الناتج المحلي (حالياً 13%)، كما يشمل البرنامج السيطرة على الإنفاق في النصف الثاني من السنة المالية 2024/2025 لتحقيق فائض أولي بنسبة 4% في 2025/2026 و5% في 2026/2027.
وأعلنت الحكومة عن خطة متوسطة الأجل تشمل بيع حصص في شركات عبر الصندوق السيادي وتعديلات على قانون ضريبة القيمة المضافة لتلبية متطلبات الصندوق، ولكن الخبراء حذروا من أن تباطؤ الإصلاحات قد يزيد الضغط على ميزان المدفوعات، مما يستلزم تسريع التنفيذ.
التأثيرات الاقتصادية بين النمو والتحديات
وشهد الاقتصاد المصري تباطؤاً إلى 2.4% في 2023/2024، لكنه تعافى إلى 3.5% في الربع الأول من 2024/2025، مع انخفاض التضخم منذ سبتمبر 2023.
ورغم ذلك، اتسع العجز الجاري إلى 5.4% من الناتج المحلي، بينما تحسن الرصيد المالي الأولي إلى 2.5% بفضل ضبط الإنفاق، حيث يتوقع الصندوق نمواً بنسبة 4.5% في 2024/2025، لكن الديون العامة تشكل تحدياً كبيراً، مع التزامات وصلت إلى 5 مليارات دولار في 2024 وأقساط متوقعة بقيمة 962.5 مليون دولار في يونيو 2025.
وإتمام المراجعة قد يعزز الاحتياطيات الأجنبية، التي تحسنت بعد صفقة استثمار إماراتية، ويخفف الضغط على سعر الصرف، ولكن التأخير قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم ونقص السيولة، مما يؤثر على الاستيراد والقطاعات الحيوية.
ومع اقتراب نهاية البرنامج في أكتوبر 2026، يمثل إتمام المراجعة خطوة حاسمة نحو الاستدامة المالية، خاصة مع تسهيل الصلابة والاستدامة بقيمة 1.3 مليار دولار المعتمد في 2025.
وتلتزم الحكومة بإتمام 3-4 صفقات خصخصة قبل نهاية السنة المالية، مما يعزز الشراكة مع القطاع الخاص.