ثورة في صناعة السيارات داخل مصر.. نيسان تضخ ملايين الدولارات.. وتجميع جيلي محليًا
يستعد قطاع تصنيع وتجميع السيارات في مصر لمرحلة توسع جديدة مدعومة باستثمارات عالمية ضخمة في التجميع المحلي، في ظل انخفاض ملحوظ في أسعار السيارات الجديدة وانتعاش الصادرات.
وكشف مسؤولون عن خطط نيسان مصر لضخ 45 مليون دولار خلال عامي 2025 و2026، مقسمة إلى 25 مليون دولار استثمارات مباشرة و20 مليون دولار غير مباشرة، مع الاستعداد لإطلاق طراز جديد بإنتاج محلي كامل.
وهذه التطورات تأتي ضمن الاستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات، التي تهدف إلى مضاعفة الإنتاج إلى 260 ألف وحدة سنوياً بحلول 2026، مع تخصيص ربعها للتصدير لتحقيق إيرادات تصل إلى 4 مليارات دولار سنوياً.
ومع نمو السوق بنسبة تزيد عن 80% خلال الأشهر العشرة الأولى من 2025، وارتفاع الصادرات إلى 891 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى بزيادة 9% سنوياً، تتحول مصر تدريجياً إلى مركز إقليمي للصناعة.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض أحدث الاستثمارات والتوقعات، مستندين إلى تصريحات رسمية من قمة مصر أوتوموتيف العاشرة وبيانات محدثة حتى نوفمبر 2025.
استراتيجية الدولة الوطنية لتوطين صناعة السيارات ورفع المكون المحلي
وأطلقت الحكومة المصرية الاستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات قبل أشهر، تركز على رفع نسبة المكون المحلي في المركبات المنتجة محلياً، توسيع قدرات التصدير، وخلق آلاف فرص العمل.
وتهدف الاستراتيجية إلى زيادة الإنتاج من نحو 95 ألف وحدة حالياً إلى 260 ألف بحلول 2026، وتجاوز 400 ألف بحلول 2030، حيث يدعم ذلك حوافز حكومية أدت إلى انتعاش الصناعة وتوسع الشركات العالمية في التجميع المحلي.
وأكد شريف الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، أن الصادرات ارتفعت إلى 891 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من 2025 بزيادة 9%، مدعومة بهذه الحوافز.
كما أشار محمد أبو جلالة، عضو شعبة الصناعات المغذية للسيارات باتحاد الصناعات المصرية، إلى أن ثلاث شركات تستعد لإنتاج مكونات جديدة مثل مصابيح السيارات وأجزاء الهيكل باستثمارات لا تقل عن 5 ملايين دولار بين 2026 و2027، مما يعزز التوطين ويقلل الاعتماد على الاستيراد.
استثمارات نيسان مصر
وتعد نيسان مصر أكبر مصدر لسيارات الركوب في البلاد، بإجمالي 25 ألف سيارة منذ نهاية 2022 وحتى نهاية 2025، بمتوسط نمو سنوي 15% إلى 20%.
وأفاد محمد عبدالصمد، العضو المنتدب للشركة، على هامش قمة مصر أوتوموتيف العاشرة، بضخ استثمارات إجمالية 45 مليون دولار مقسمة على 25 مليون دولار مباشرة و20 مليون دولار غير مباشرة خلال 2025 و2026.
وأضاف أن الشركة تستعد للإعلان عن طراز جديد بإنتاج محلي بالكامل خلال الفترة المقبلة، مما يعكس التزامها بتعزيز التصنيع المحلي ودعم أهداف التصدير الوطنية.
وغلوبال أوتو تبدأ تجميع جيلي X3 محلياً مع استثمارات أوروبيةبدأت شركة غلوبال أوتو تجميع سيارة جيلي X3 محلياً في مصر، استعداداً لتسليمها للمستهلكين في 2026، باستثمارات جديدة تقدر بنحو 200 ألف يورو.
وأشار محمد قنديل، الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة، إلى أن السوق المصرية شهدت نمواً يتجاوز 80% خلال الأشهر العشرة الأولى من 2025 مقارنة بالعام السابق، متوقعاً استمرار النمو بمعدل 20% إلى 30% في 2026.
وهذا التوسع يأتي ضمن شراكات صينية أوروبية، حيث تساهم في رفع الطاقة الإنتاجية وتنويع العروض المحلية، مع التركيز على السيارات ذات الكفاءة العالية والأسعار التنافسية.
نمو الصادرات والمبيعات
وارتفعت صادرات مصر من السيارات ومكوناتها إلى 891 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، بزيادة سنوية 9%، مدعومة بانتعاش الصناعة.
وفي الوقت نفسه، قفزت مبيعات السيارات بنسبة 59.8% في سبتمبر إلى 15.2 ألف سيارة، وفقاً لبيانات مجلس معلومات سوق السيارات "أميك".
وهذا النمو يعكس تحسن الإمدادات واستقرار السوق بعد أزمات سابقة، مما يدفع الشركات نحو توسيع الإنتاج المحلي لتلبية الطلب المتزايد داخلياً وخارجياً.
انخفاض أسعار السيارات الجديدة
وتواصل أسعار السيارات الجديدة تراجعها، حيث بلغ الانخفاض 23.3% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من 2025 (يوليو إلى سبتمبر).
وأرجع محمد عبدالصمد ذلك إلى انخفاض سعر الدولار من نحو 50 إلى 47 جنيهاً، إلى جانب اشتداد المنافسة بين الوكلاء والشركات الجديدة.
أما محمد قنديل، فوصف التراجع بـ"تصحيح" بعد عامين من نقص المعروض الناتج عن صعوبات تأمين العملات الأجنبية، وأجمع المسؤولان على أن مرحلة التخفيضات الكبيرة انتهت، وأن الأسعار مرشحة للاستقرار خلال الفترة المقبلة، مع استمرار النمو في حجم المبيعات.
وهذا التوازن يعزز جاذبية السوق المصرية للمستهلكين، ويشجع الاستثمارات الإضافية في التصنيع المحلي، مما يخلق "منافسة صحية" تدفع نحو تحسين الجودة والأسعار.
الفرص المستقبلية في ثورة السيارات المصرية
ورغم التقدم، تواجه الصناعة تحديات مثل الحاجة إلى تطوير الصناعات المغذية ورفع نسبة المكون المحلي بشكل أسرع، ومع ذلك، توفر الفرص الكبيرة في التصدير عبر اتفاقيات التجارة الحرة، وخلق فرص عمل جديدة من خلال المشاريع الجديدة.
ومع استمرار الحوافز الحكومية وتدفق الاستثمارات، يتوقع الخبراء نمواً مستداماً يجعل مصر مركزاً إقليمياً للسيارات بحلول 2030.
نحو الاكتفاء والتصدير
ومع إغلاق عام 2025، تثبت مصر قدرتها على قيادة ثورة غير مسبوقة في تصنيع وتجميع السيارات، مدعومة بشركات مثل نيسان وغلوبال أوتو.
ومن خلال الاستراتيجية الوطنية والشراكات العالمية، تتحول البلاد من مستورد إلى مصدر رئيسي، مما يوفر العملة الصعبة ويحقق نمواً اقتصادياً شاملاً.