خدعة بلد المنشأ.. الزرار من باريس والجاكت من بنجلاديش

خدعة بلد المنشأ
خدعة بلد المنشأ

تخيل إنك واقف في مول فخم، ماسك جاكت جلد مكتوب عليه صنع في فرنسا، والسعر؟ يجي 100 دولار..  فبتقول لنفسك دي حاجة أصلية، فرنسي يعني جودة عالية .. بس لو قلبت التيكت كويس، أو لو عرفت الحقيقة، ممكن تكتشف إن الجاكت دا اتعمل بالكامل في مصنع في دولة زي بنجلاديش أو الصين بـ10 دولار بس، وكل اللي حصل في فرنسا إنهم ركبوا له زرار أو طرّزوا عليه اسم الماركة.. وبكده خرجلك بـ تيكت فخم وسعر أغلى 10 مرات

ده مش مثال خيالي، دي حيلة تسويقية حقيقية بتمارسها شركات كبيرة جدًا، من أول ماركات الملابس لحد الإلكترونيات ومستحضرات التجميل.. بيستخدموا ثغرات قانونية وتسويقية عشان يقنعوك إن المنتج أوروبي فخم أو مصنوع بإيدين حرفيين، بينما هو في الحقيقة إنتاج اقتصادي بحت.

الحقيقة اللي كتير مايعرفهاش، إن فيه قانون أوروبي معروف اسمه "Rules of Origin" أو قاعدة بلد المنشأ، واللي بيقول إن عشان تكتب على منتج "صُنع في فرنسا" أو "Made in France"، لازم يكون حصل عليه "تحوّل جوهري" أو Substantial Transformation، يعني تغيير حقيقي في شكل أو وظيفة المنتج. مش مجرد شوية تجميع أو تركيب زرار.

بس الشركات الكبيرة بقت أذكى من القانون.  مش دايمًا بيكتبوا "صُنع في فرنسا" بشكل صريح، لكن ممكن تلاقي عبارات زي اتصمم في فرنسا أو اتجمع في فرنسا أو حتى هارد وير فرنسي، وده كافي يخليك كمستهلك تفتكر إن المنتج كله فرنسي، رغم إن أغلبه طالع من مصنع اقتصادي في دولة بتكلفة أقل من تمن العلبة اللي بيتحط فيها

طيب ليه الشركات بتعمل كده؟ لأن ببساطة دي أنجح طريقة يزودوا بيها المكسب. لو راحوا يصنعوا المنتج بالكامل في فرنسا، هيدفعوا أجور عالية وضرائب وتكاليف إنتاج غالية، وساعتها هيتطروا يبيعوا المنتج بسعر مرتفع مش الكل هيقدر عليه. إنما لما ينتجوه بأبخس سعر في دولة نامية، وبعدين يضيفوا لمسة شكلية في فرنسا، بيقدروا يبيعوه بسعر فخم ويربحوا فيه أضعاف.

ده غير إنهم بيلعبوا على نقطة نفسية مهمة: إنت بتربط تلقائيًا بين كلمة "فرنسا" أو "سويسرا" وبين الجودة، وده بيخلي عندك استعداد تدفع أكتر، حتى لو الحاجة ما تستاهلش

كمان المنافسة في السوق بقت مرعبة.. المنتج اللي مش قادر يجذبك بالسعر، لازم يغريك بالإسم والشكل، والشركات عارفة كويس إزاي تلعب على الحتة دي، يزودوا قيمة وهمية للمنتج، يخلوك تحس إنك بتشتري حاجة فاخرة، بينما أنت في الحقيقة بتشتري وهم.

والأدهى إن القانون سايب لهم مساحة، لأنه مش دايمًا صارم، وفيه ثغرات واضحة. ممكن يعتبروا خياطة أو تغليف بسيط نوع من "التحوّل الجوهري"، وده بيفتح الباب للشركات تلعب في المنطقة الرمادية دي وتكسب بدون ما تخرق القانون حرفيًا.

النتيجة؟ أنت كمستهلك تدفع 100 دولار في حاجة ما تكلفتش غير 10، وكل الفرق في "الزرار" أو "التصميم".. وكل دا لأن الشركات بتلعب لعبة ذكية جدًا، مبنية على الشكل، واللغة، والتفاصيل الصغيرة اللي بتخدعك وتحسسك إنك بتشتري حاجة تستاهل، وهي في الحقيقة ما تستاهلش نص ثمنها.

عشان كده، اقرا كل كلمة على التيكت، واعرف الفرق بين التصميم والصناعة، وبين الدعاية والحقيقة.. مش كل اللي مكتوب عليه فرنسا… فرنسي

تم نسخ الرابط