الدولة تتحدى المستحيل.. خطط جريئة لجعل مصر من عمالقة إنتاج الغاز الطبيعي

تبرز رؤية طموحة في مصر لاستعادة مكانة البلاد كمركز إقليمي للطاقة، وبعد سنوات من التقلبات في إنتاج الغاز الطبيعي، تعمل الحكومة المصرية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي على تنفيذ استراتيجيات شاملة لتعزيز الإنتاج المحلي، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي واستئناف التصدير بحلول عام 2027.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض الجهود الحكومية المبذولة، والتحديات التي تواجه القطاع، وتوقعات الإنتاج المستقبلية.
استراتيجيات تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي
وتتبنى مصر خطة متعددة المحاور لتعزيز إنتاجها من الغاز الطبيعي، حيث تشمل هذه الجهود استثمارات أجنبية، وتطوير البنية التحتية، وتكثيف أعمال التنقيب والاستكشاف.
ووفقًا لتصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، بدأ إنتاج الغاز المحلي في التعافي بعد انخفاضه من ذروة 6.6 مليار قدم مكعب يوميًا إلى حوالي 4.1 مليار قدم مكعب خلال السنوات الأخيرة.
وهذا التعافي يعتمد على عدة ركائز أساسية، وتمشل:
سداد مستحقات الشركاء الأجانب
نجحت الحكومة في تسوية الديون المتراكمة للشركات الأجنبية، مما أعاد الثقة لشركاء عالميين مثل "إيني" الإيطالية، "شل"، و"بي بي" البريطانية.
وهذه الخطوة شجعت الشركات على استئناف أعمال التنقيب والإنتاج في حقول رئيسية مثل حقل "ظهر" العملاق، الذي يُعد أحد أكبر حقول الغاز في البحر المتوسط.
تكثيف أعمال التنقيب والاستكشاف
وشهد عام 2025 اكتشافات واعدة، مثل اكتشاف "نفرتاري" في غرب البحر المتوسط، الذي أعلنت عنه شركة "إكسون موبيل"، وهذا الاكتشاف يعزز الاحتياطيات المصرية، مع توقعات بإضافة كميات كبيرة إلى الإنتاج المحلي.
كما أعلنت شركة "بترول الصحراء الغربية" عن اكتشاف بئر "10-2X" باحتياطيات مؤكدة تبلغ 75 مليار قدم مكعب، وبدأ الإنتاج بمعدل 20 مليون قدم مكعب يوميًا.

تطوير البنية التحتية
واستثمرت مصر في تعزيز قدراتها في إسالة الغاز من خلال محطتي إدكو ودمياط، مما يتيح تصدير الفائض إلى الأسواق العالمية.
كما تم استقدام وحدات تغويز عائمة رفعت القدرة الإنتاجية من 1000 إلى 2250 مليون قدم مكعب يوميًا، لضمان مرونة الإمدادات.
طرح مزايدات عالمية
وتخطط مصر لإطلاق مزايدة عالمية جديدة خلال النصف الثاني من 2025 للبحث والتنقيب في 10 مناطق على الأقل بالبحر المتوسط والدلتا، مما يعزز فرص اكتشاف حقول جديدة.
توقعات إنتاج الغاز
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر تستهدف استعادة مستويات إنتاج الغاز الطبيعي إلى 6.6 مليار قدم مكعب يوميًا بحلول عام 2027، مقارنة بـ4.1 مليار قدم مكعب حاليًا.
وهذا الهدف يعتمد على زيادة الإنتاج بنسبة تقارب 30% بحلول نهاية 2025، حيث تتوقع الحكومة الوصول إلى 6 مليارات قدم مكعب يوميًا بنهاية العام القادم.
تشير التوقعات إلى أن هذا النمو دعم بحفر 105 آبار جديدة خلال الشهرين الماضيين، منها 10 آبار للغاز، مما يعزز الإنتاج المحلي ويقلل الاعتماد على الاستيراد، الذي كلف مصر حوالي 6 مليارات دولار سنويًا.
كما أن عودة التصدير المتوقعة بحلول 2027 ستعزز الإيرادات القومية بالعملة الصعبة، مما يدعم استقرار الجنيه المصري ويخلق فرص عمل جديدة.
التحديات وكيفية مواجهتها
وعلى الرغم من هذه الطفرة، تواجه مصر تحديات مثل الارتفاع المتزايد في الطلب المحلي على الطاقة بسبب النمو السكاني وزيادة استهلاك الكهرباء، الذي بلغ ذروة قياسية عند 39.5 ألف ميجاوات في أغسطس 2025.
ولمواجهة هذه التحديات، تعمل الحكومة على تأمين شحنات الغاز المسال للربع الأول من 2026، مع استمرار خطة إنهاء انقطاعات الكهرباء بشكل كامل.
كما تسعى مصر لتعزيز التعاون الإقليمي مع دول مثل قبرص لتنويع مصادر الغاز، وتطوير صناعات قائمة على الغاز لتحقيق عوائد اقتصادية أعلى.
رؤية طموحة لمستقبل الطاقة في مصر
ةتظهر الجهود المصرية لتعزيز إنتاج الغاز الطبيعي التزامًا قويًا بتحقيق أمن الطاقة والاستقلال الاقتصادي، ومن خلال الاستثمارات الأجنبية، الاكتشافات الجديدة، وتطوير البنية التحتية، تتجه مصر نحو استعادة مكانتها كمصدر رئيسي للغاز في الأسواق العالمية بحلول 2027.
وتصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي تعكس تفاؤلاً مدعومًا بخطط تنفيذية واضحة، مما يجعل هذا الهدف ليس مجرد طموح، بل واقعًا ملموسًا يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة.