ثورة الطاقة النظيفة.. مصر تضخ مليارات جديدة في الطاقة المتجددة

في خطوة تعكس التزام مصر المتزايد بالتحول نحو الطاقة النظيفة، رفعت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة عن تقديراتها لشراء الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة إلى 18.15 مليار جنيه خلال العام المالي 2025-2026، بزيادة نسبتها 10% عن العام السابق.
وهذه الخطوة ليست مجرد قرار مالي، بل رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز الاستدامة، تقليل الانبعاثات الكربونية، وتأمين مستقبل طاقة نظيف ومستدام للأجيال القادمة، وفي ظل تحديات تغير المناخ وارتفاع الطلب على الطاقة، تبرز مصر كقوة إقليمية تسعى لقيادة ثورة الطاقة الخضراء في المنطقة.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض كيف تخطط الحكومة المصرية لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة والنظيفة.
التزام متجدد بالطاقة النظيفة
وتأتي هذه الزيادة في مخصصات شراء الكهرباء من الطاقة المتجددة كجزء من استراتيجية مصر الطموحة للوصول إلى نسبة 42% من إجمالي إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
والزيادة البالغة 1.65 مليار جنيه تعكس التوسع في القدرات الإنتاجية لمحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي من المتوقع أن تضيف قدرات جديدة للشبكة القومية قبل يونيو 2026.
وتشمل هذه القدرات محطات تم ربطها مؤخرًا بالشبكة وأخرى تحت الإنشاء، مما يعزز من استقرار إمدادات الطاقة ويقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
إنجازات ملموسة وخطط طموحة
وشهدت مصر خلال السنوات الأخيرة نقلة نوعية في قطاع الطاقة المتجددة، فقد ارتفع إجمالي القدرات المركبة من الطاقة الشمسية والرياح إلى 7,633 ميجاوات في 2024، مقارنة بـ3,490 ميجاوات في 2014، بزيادة تقارب 19 ضعفًا في الطاقة الشمسية و4 أضعاف في طاقة الرياح.
ومن أبرز المشروعات التي ساهمت في هذا التحول، مجمع بنبان للطاقة الشمسية بقدرة 1,465 ميجاوات، ومزرعة رياح جبل الزيت بقدرة 580 ميجاوات، إلى جانب محطة أبيدوس 1 بقدرة 500 ميجاوات.
وتعمل الحكومة المصرية على تنفيذ استراتيجية الطاقة المستدامة 2035، التي تهدف إلى تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء مع زيادة عدد السكان، مع التركيز على تحسين كفاءة القطاع وزيادة حصة الطاقة المتجددة.

وفي هذا السياق، وقعت مصر اتفاقيات مع شركات عالمية مثل "أكوا باور" السعودية لإقامة مشروعات طاقة رياح بقدرة 2,000 ميجاوات، باستثمارات تصل إلى 2.3 مليار دولار، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
برنامج "نوفي" والهيدروجين الأخضر
ويعد برنامج "نوفي" أحد الأعمدة الرئيسية في استراتيجية مصر للتحول الأخضر، حيث يهدف البرنامج إلى إيقاف تشغيل محطات طاقة تقليدية بقدرة 5,000 ميجاوات واستبدالها بمشروعات طاقة متجددة بقدرة 10,000 ميجاوات بحلول 2028، مما سيوفر 1.2 مليار دولار سنويًا من تكاليف الوقود ويقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 17 مليون طن سنويًا.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى مصر لتوطين صناعة الهيدروجين الأخضر، حيث وقعت 30 مذكرة تفاهم لإقامة مشروعات في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باستثمارات متوقعة تصل إلى 64 مليار دولار.
ومن المتوقع أن يصل إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى 18 مليون طن سنويًا، مما يعزز مكانة مصر في السوق العالمية للهيدروجين بنسبة 5-8%.
مستقبل مشرق للطاقة النظيفة
ورفع تقديرات شراء الكهرباء من الطاقة المتجددة إلى 18.15 مليار جنيه يعكس رؤية مصر الطموحة لتصبح رائدة إقليميًا في الطاقة النظيفة.
ومع استثمارات ضخمة، وشراكات دولية، وبرامج مثل "نوفي"، تستعد مصر لتحقيق أهدافها الطموحة في تقليل الانبعاثات وتعزيز التنمية المستدامة، وهذه الخطوات ليست فقط استثمارًا في البنية التحتية، بل في مستقبل أخضر يضمن الاستقرار البيئي والاقتصادي للأجيال القادمة.